عنوان الفتوى : حكم نسخ المحاضرات الصوتية ونشرها دون إذن أصحابها
نحن طلبة في كلية الطب ـ وكما تعلمون ـ يوجود نظام الدروس الخصوصية كغيرها من الكليات، والحق يُقال، هذه الدروس ـ فعلا ـ تفيد جدا وتوفر من وسائل الفهم ما لا يتوفر في شرح الكلية، ولكن التكاليف المادية لكل منها باهظة وتصل إلى بضع آلاف من الجنيهات، ومن ناحية أخرى قد قام بعض الطلاب على مدار بضع سنوات ماضية بتسجيل الشرح ـ للكورسات ـ كاملةً بإذن وبدون إذن المُحاضر، ومع مرور الوقت انتشرت هذه التسجيلات فيما بين الطلاب إلى أن وصلت إلى صفحات النت لتتوفر للجميع. وهناك أحد الدكاترة قد رفض هذه التسجيلات ـ والتي سُجلت بدون إذنه ـ وحينما علم بوجودها وتوفرها مع معظم الطلبة قال: أنا غير سامح بهذه التسجيلات، رغم علمه بأن الكثير من الطلبة قد استمعوا لها بالفعل وغيرهم لا زالوا يستمعون لشرحه في هذه التسجيلات وقد ضربوا بكلمته عرض الحائط. نأسف على الإطالة، ولكنه شيء لا بد منه لتوضيح أبعاد المشكلة، وأسئلتنا كالتالي: 1ـ هل يجوز لمن لا يستطيع تحمل التكاليف المادية لهذه الدروس أن يستمع للشرح عن طريق التسجيلات، رغم علمه بموقف صاحبها من ذلك؟. 2ـ وهل يجوز لمن يستطيع مادياً أن يستمع للشرح عن طريق التسجيلات، برغم علمه أيضا بموقف صاحبها من ذلك؟. 3ـ وهل هناك إثم على من قد استمع لها بالفعل، رغم قدرته المادية وعلمه بموقف صاحبها من ذلك؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في جواز نسخ ما لا يأذن أصحابه بنسخه من الكتب والمحاضرات ونحوها، فالمفتى به في موقعنا أن ذلك لا يجوز شرعاً، وأن حقوق التأليف لأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها، وبناء على هذا، فلا يجوز استخدام هذه التسجيلات التي يمنع أصحابها من نسخها، ولا فرق في ذلك بين من يستطيع تحمل التكاليف ومن لا يستطيع، وعلى هذا القول يأثم من ينسخ هذه المحاضرات ويستمع إليها إذا كان عالماً بالحكم الشرعي.
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى جواز النسخ للنفع الخاص لمن كان محتاجاً لذلك، وعلى هذا القول، يجوز لمن كان محتاجاً أن يستمع إلى تلك التسجيلات.
وذهبت طائفة ثالثة من أهل العلم إلى جواز النسخ مطلقاً، لأن في القول بعدم جواز النسخ كتما للعلم وحدا من انتشاره والاستفادة منه، وراجع تفصيل ذلك في فتوانا رقم: 127509، والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.