عنوان الفتوى : يستحب لمقترف الفاحشة أن يستبدل المكان
بسم الله الرحمن الرحيم غافر الذنب قابل التوبأما بعد : أنا شاب صغير في مقتبل العمر قاربت على إنهاء تعليمي بعد شهور قليلة إن شاء الله لقد تعودت منذ صغري حيث كان عمري حوالي 14 عام وحتى الأن أن أمارس الأفعال الفاضحة الجنسية مع أطفال صغار في منطقتنا السكنية إما رغبا وإما غصبا عنهم ... وبعد شقاء وعناء شديد ومشاكل لا حصر لها أنعم الله علي بأن هداني وأنتهيت عن ذلك الآن وأنا عمري الآن 21 عاماً ولكني لا أعرف كيف أتوب وأستغفر الله عن تلك الأفعال وما هي كفارة ذلك الذنب؟ وهل من الكبائر أم لا؟ وإني لأخجل أن أعيش في ذلك المكان بعد الآن فكيف أعيش فيه ويراني هؤلاء الأطفال بعد ذلك؟ فهل لي أن أترك بلدتي وأهاجر لمكان آخر لأبدأ حياتي من جديد؟بالله عليكم أكاد أفقد عقلي أو أقتل نفسي من شدة شعوري بالذنب فأفيدوني أفادكم الله .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل الذي كنت تمارسه من أكبر الكبائر، وأبشع الجرائم عند الله تعالى، فهو فوق الزنا.
أما وقد منّ الله عليك بالتوبة منه، فالله تعالى يكفره عنك، ويتجاوز عنه بمنه وكرمه، "فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له" كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه.
والشروط التي إذا توفرت في الشخص تكون توبته صادقة هي: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما حصل منه في الماضي، والعزم على عدم العود إليه في المستقبل، هذه الشروط الثلاثة إذا توفرت في الشخص، وكان ذنبه لا يتعلق بحقوق المخلوقين، فإن توبته تكون صادقة يمحو الله عنه بها الخطايا، ويغفر له بها الزلات؛ وإن عظمت، حتى ولو لم يخرج من البلد الذي كان يعصي الله تعالى فيه، ولكن لا شك أن مفارقة التائب للمواضع التي أصاب فيها الذنوب ومقاطعته للأخدان المساعدين له على ذلك، واستبدالهم بصحبة أهل الخير مما يؤكد التوبة، ويبعد عن البيئة الأولى، ويساعد على الاستقامة، ويرفع الحرج الحاصل بالنظر إلى الأطفال المغتصبين.
وقد أخذ العلماء استحباب مفارقة التائب للبيئة التي عصى الله فيها، ومقاطعته لأصدقائه الأولين من الحديث الذي في صحيح مسلم، والذي فيه قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فأرشد إلى أن ينطلق إلى أرض بها أناس يعبدون الله تعالى، وأن لا يرجع إلى أرضه، فكان ذلك سبباً في رحمة الله له، ودخوله الجنة.
وعليك أن تنتبه إلى أن هذه المغادرة لا تكون على حساب الإخلال بواجب، كأن يكون لك والدان أو أحدهما أو جدود أو إخوان تقوم بما يحتاجون إليه، وستؤدي مغادرتك لهذه البلدة إلى ضياعهم.
والله أعلم.