عنوان الفتوى : القراءات القرآنية الثابتة لا تناقض بينها في المعنى
سؤالي متعلق بالقرآن، فكما قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون. فسؤالي هذا لم أسأل عنه لأكون على علم وبصيرة بكتاب ربي وديني، بل لاتقاء الشبهات، وإنما أوجد الله العلماء لتبصرة الناس وتبيين وتوضيح الحق وكشف الشبهات، فقد سمعت من أحد اليهود كلاما عن القرآن وكذلك عن حديث ابن مسعود في المعوذتين، وأن هناك اختلافا كثيرا في القرآن، فمثلا: في سورة آل عمران في الاية: 146 وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير. وقراءة أخرى: وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير. وأنا أعرف أن القرآن نزل علي عدة أحرف، وأن هناك قراءات عدة للقرآن، لكن لا أعرف التفسير العلمي الصحيح من أحد، ولا الكتاب الأفضل الذي عندما أقرؤه أكون علي علم كامل بالطريقة التي تم بها جمع وترتيب القرآن حتى وصل إلينا، ولماذا اعتمدنا رواية حفص عن عاصم؟ حتى نقي أنفسنا من الشبهات ونكون على علم وفهم بكتاب الله. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجميع القراءات القرآنية الثابتة لا تناقض بينها من حيث المعنى، بل فيها تنوع وتكامل يكشف عن وجوه في إعجاز القرآن وشمول معانيه وتيسير تلاوته، فما وقع بين القراءات من اختلاف لم يقع في أصل المعنى، وإنما هو من باب اختلاف التنوع في المعاني لامن باب التضاد. وأمرآخرـ لابد من الوقوف عليه ـ وهو: أن اختلاف القراءات ليس عن رأي واجتهاد، وإنما هي سنة متبعة مأخوذة بالتلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن القرآن ثابت بالنقل في جميع القراءات، كما سبق بيانه ـ تفصيلا ـ في الفتاوى التالية أرقامها: 4256، 123333، 108786.
ومن ذلك المثال الذي ذكره السائل الكريم في قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ {آل عمران : 146}.
قال الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر: واختلف في ـ قتل معه ـ فنافع وابن كثير وأبوعمرو كذا يعقوب: بضم القاف وكسرالتاء بلا ألف مبنيا للمفعول، وافقهم ابن محيصن واليزيدي. والباقون: قاتل ـ بفتح القاف والتاء وألف بينهما بوزن فاعل.هـ.
وفي هاتين القراءتين من تنوع المعاني ما تعظم به فائدة الآية وتتسع دلالتها.
قال النحاس في معاني القرآن: من قرأـ قتل معه ـ ففيه عنده قولان: أحدهما: روي عن عكرمة، وهو أن المعنى: وكأين من نبي قتل على أنه قد تم الكلام، ثم قال: معه ربيون كثير بمعنى: ومعه ربيون كثير، وهذا قول حسن على مذهب النحويين، لأنهم أجازوا رأيت زيدا السماء تمطر عليه، بمعنى: والسماء تمطر عليه.
والقول الآخر أن يكون المعنى: قتل معه بعض الربيين، وهذا معروف في اللغة، أن يقال: جاءني بني فلان، وإنما جاءك بعضهم، فيكون المعنى على هذا: قتل معه بعض الربيين.هـ.
وقد سبق لنا بيان ما في تعدد القراءات القرآنية من الفوائد والحكم. فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 19945 ، 21795 ، 44576 21627 .
كما سبقت لنا عدة فتاوى عن جمع القرآن الكريم، والجواب عن بعض الشبهات المتعلقة بهذا الموضوع، فانظر الفتاوى التالية أرقامها: 116220 ، 104843 ، 94872 ، 64502 .
ثم ننبه السائل الكريم على أن القراءات السبعة ليست هي الأحرف السبعة الواردة في الحديث، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 45103، 5963 ، 18304.
وكذلك سبق لنا بيان ما جاء عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في شأن المعوذتين، في الفتاوى التالية أرقامها: 33429 ، 74473 ، 68203 .
أما المراجع التي تتناول الطريقة التي تم بها جمع وترتيب القرآن حتى وصل إلينا، فكثيرة، ومن أجمعها رسالة ماجستير بعنوان: جمع القرآن في مراحله التاريخية من العصرالنبوي إلى العصرالحديث ـ للباحث: محمد شرعي أبو زيد.
ومن المختصرات المفيدة في ذلك رسالة: جمع القرآن الكريم حفظا وكتابةً ـ للأستاذ الدكتور: علي بن سليمان العبيد.
ورسالةـ جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين ـ للدكتور:عبد القيوم عبد الغفورالسندي.
ومن الكتب المختصرة المهمة والمكملة لهذا الموضوع رسالة ـ مواقف المستشرقين من جمع القرآن الكريم ورسمه وترتيبه ـ للدكتور: أبو بكر كافي.
ورسالة ـ الشبهات المزعومة حول القرآن الكريم ـ للكتور: محمد السعيد جمال الدين.
وجميع هذه المراجع وغيرها كثير متوفرعلى موقع المكتبة الشاملة.