عنوان الفتوى : ترفض الزواج بأي أحد يمنعها من العمل الذي تنفع به أخواتها المسلمات

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا أعمل طبيبة للسيدات فقط بالإضافة إلى قيامي حاليا بالدراسات العليا..وتسعين بالمائة من شباب مصر يرفضون المرأة العاملة ملتزمة كانت أم لا سواء كان في العمل اختلاط أم لا ..وأنا أرى أني صاحبة نية طيبة في عملي بداعي عفة بنات المسلمين من اللجوء للأطباء الرجال.. وأنا أرفض أي رجل للزواج إذا منعني من العمل لأني أرى أنه حقي بالإضافة أني أتكلم في شيء مباح شرعا .. ولو الكل أخذ ذلك في الاعتبار فمن لفتيات المسلمين ؟ هل أنا مخطئة في تقديري للأمور ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

الأصل في المرأة أن تقر في بيتها ، ويتولى قيِّمها ، والدا كان أو زوجا أو غيره ، النفقة عليها ، كما قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء /34 .

ومتى احتاجت المرأة إلى العمل بأجر ، فإنه يجوز لها أن تعمل ما يناسب طبيعتها ، متى كان منضبطا بالضوابط الشرعية ، خاليا من المفاسد والمحرمات .

وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (22397) ورقم (33710) .

وإذا فهمت أن الأصل في حال المرأة أن تقر في بيتها ، وأن القوَّام عليها وعلى البيت هو الرجل ، فليس من حقها أن تعمل المرأة عملا آخر ، حتى ولو كان داخل البيت ، فضلا أن يكون عملا وظيفيا كوظائف اليوم ، إلا أن يأذن لها الزوج .

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

" ولا نعلم خلافاً بين العلماء : أن المرأة لا تخرج إلى المسجد إلا بأذن زوجها ، وهو قول ابن المبارك والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم " انتهى .

 "فتح الباري لابن رجب" (6/140)

فإذا كان لا يحق لها أن تخرج للصلاة إلا بإذن زوجها باتفاق العلماء، فكيف بالخروج للعمل؟!

جاء في زاد المستقنع ، وشرحه الروض المربع ، من كتب الحنابلة ، (271) :

" ولا تؤجر المرأة نفسها ، بعد عقد النكاح عليها ، بغير إذن زوجها ؛ لتفويت حق الزوج".

ومن الواضح مما سبق أن للزوج الحق في منع امرأته من الخروج للعمل ، وهذا واضح ، لكن هذا إذا لم تكن قد اشترطت عليه أن تعمل بعد الزواج ، أو علم هو من حالها أنها ستعمل بعد الزوج ، كأن تكون موظفة ، ورضي بذلك أو سكت ، فليس له أن يمنعها بعد النكاح .

قال في "الروض المربع" ـ (365) ـ :

" وله منعها من إجارة نفسها ، لأنه يفوت بها حقه ؛ فلا تصح إجارتها نفسها إلا بإذنه . وإن أجرت نفسها قبل النكاح صحت ولزمت " .

وإذا كان من حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل ، والسائلة الكريمة تفهم ذلك ، كما يبدو لنا ، فمن حقه أن يريح نفسه من عناء المشكلات والمخاصمات ، ويشترط ألا يتزوج زوجة من شأنها أن تعمل ، وأن يختار امرأة لا تعمل ، لتتوفر بوقتها وجهدها على رسالتها الأصلية في بيت زوجها ، وتربية أبنائها .

ومن حقك ـ أيضا ـ ألا تقبلي الزوج الذي سيمنعك من العمل الذي ترين أنه مفيد لك ، وللناس ، ونرجو من الله تعالى أن يأجرك على هذه النية الصالحة التي أشرتِ إليها في سؤالك ، ونزيدك ـ أيضا ـ أننا لا نظن أن أمر الخطاب كلهم على ما تذكرين ، أنهم يشترطون على الزوجة ألا تعمل العمل الذي تذكرينه .

فإذا قدر ذلك ، أو تأخر عنك الخاطب الكفء لأجل عملك هذا ، فإننا نسألك سؤالا مهما هنا :

هل من العقل والحكمة أن تبقي هكذا ، وتفوتي على نفسك الخاطب الكفء ، والزوج المناسب ، الذي يبالغ في إكرامك وصيانتك ، وردك إلى وظيفتك الطبيعية في البيت من أجل ما ذكرت من تطبيب النساء ؟!

هل من المعقول أن يضر المسلم بنفسه ، لأمر ليس واجبا عليه ، حتى وإن كان محمودا في حد ذاته . مع أن الأعمال الطبية للمرأة لا تكاد تخلو من شيء من المخالفات الشرعية ، والاختلاط المحرم ، خاصة إذا احتاجت أن تخرج أيضا للوظيفة ، أو تكمل دراستها العالية ؛ فأنى لها ألا تختلط بالرجال في دارستها ، أو عملها ؟!

وخلاصة ما ننصحك به هنا :

أن تقدمي واجبك الشرعي ، من المحافظة على دينك ونفسك ، ومصلحتك الشرعية في القرار في بيتك ، والانشغال بزوجك وأولادك ؛ فإن تيسر لك الزواج الذي تجمعين فيه بين ما تطمعين فيه من مصلحة علاج النساء , وحفظهن عن الحاجة إلى الأطباء الرجال : فبها ونعمت ، وإن لم يتيسر لك ذلك : فقدمي مصلحتك الشرعية والاجتماعية في الزواج المبكر ؛ واحذري ـ يا أمة الله ـ أن يطول انتظارك ، لغائب لا تدرين متى يجيء ؛ فقط عليك بالزوج صاحب الدين ، المناسب لك ولحالك . وأما بنات المسلمين ، والمريضات المسلمات ، فييسر الله لهن من يسد حاجتهن ، ويقوم بطبهن .

نسأل الله أن ييسر لك أمرك ، ويشرح صدرك .

والله أعلم .