عنوان الفتوى : حدود تصرف الولي في مال المحجور عليه
أرجو إفتائي جزاكم الله خيرا لي جدة طاعنه في السن وهي أم الوالد رحمه الله . توفي والدي في عام 1426هـ ولي عم- أخو والدي من الأب والأم- توفي قبله بكثير عام1399هـ وليس لجدتي الآن سوى بنت واحدة وأنا وأخوتي عن والدي . عمي لم يتزوج وقد كان موظفا، فلما توفي والدي رحمه الله أخبرني أهل الخير أن بإمكاني أن أطالب لجدتي بتقاعد عمي المتوفى من عام 1399 وقد أخبرت عمتي بذلك وقالت لي سوف نوكل أحد الأشخاص لمراجعة هذا الموضوع ولكنه سوف يأخذ نصف المبلغ كأتعاب فقلت لها سوف أتابعه أنا رغم أني مرتبط بعمل. وبعد متابعة دامت أكثر من سنة استلمت مبلغ 385000 ريال متأخر رواتب لجدتي عن الفترة كاملة ولم أخبر أحدا بذلك وفي نيتي اتقاء الفتنة لأني أنا الوكيل عنها وعن إخوتي كذلك، ولا أريد أحدا أن يطلب منها شيئا ولكني أعطي جدتي منها كمصروف وسددت ديونها وأخذت مبلغ 100000 ريال كأتعاب لي والباقي بنيت عمارة به لها . وبعد ذلك أخبرت عمتي وجدتي بذلك ولكن جدتي طاعنة في السن أحيانا تعي ما تقول وأحيانا لا . فقالت لي جدتي بعد أن أخبرتها عفا الله عنك ولا أريد منها شيئا خذها أنت وإخوتك ولو عندي المزيد لأعطيتكم . وعمتي راضية عن هذا الكلام ولا يوجد لديها ورثة غيرنا ( ابنتها ونحن عن والدنا ). و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا المعاش إذا كان مستقطعا من راتب المتوفى، فهو حق للورثة كل بحسب نصيبه، وإذا كان منحة من الدولة تعطيه الدولة بشروط معينة فيجب الرجوع فيمن يستحق هذا المعاش ومقدار الاستحقاق إلى هذه الشروط. وراجع في ذلك الفتويين : 28640، 48632.
وإذا كان لغير جدتك نصيب في هذا التقاعد بحسب التفصيل المتقدم فلا يجوز لك أن تتصرف في ذلك أو تأخذا أجراً على عملك إلا بوجود إذن منهم، وإذا أذنوا لك في ذلك ورضوا بما أخذته من أجر فلا حرج في ذلك، وإن لم يرضوا بعد أن أذنوا لك في العمل بما أخذته من الأجر، وكانت العادة أنك لا تعمل ذلك إلا بأجر فلك أن تأخذ أجر المثل، وراجع في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 95290، 116660، 127318.
وبخصوص نصيب جدتك إذا كانت تستحق نصيباً من التقاعد أو كانت هي المستحقة له كله، فينظر إن كانت جدتك قد كبر سنها وتغير عقلها وصارت لا تحسن التدبير وتصريف المال، فيجب رفع أمرها إلى المحكمة الشرعية لتحجر عليها وتنصب قيماً على أموالها، وراجع في حكم الحجر فتوانا رقم: 115422.
وفي هذه الحالة يرجع في الأمور المالية الخاصة بجدتك إلى وليها في مالها، وتصرف هذا الولي مقيد بالمصلحة، فإذا أقر هذا الولي ما قمت به من تصرف وكان هذا التصرف فيه مصلحة الجدة وكان الأجر الذي أخذته هو أجر المثل أو أقل فلا حرج فيما أخذته من أجر، ولكن لا يصح للجدة إذا كان محجوراً عليها أن تهب شيئاً من هذا المال.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع وذلك بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا، وأن يكون مالكا للشيء الموهوب.
وجاء فيها: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلاعلى النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط، لحديث: لاضرر ولا ضرار.اهـ.
وإذا كنت أنت من تلي أمور جدتك المالية فيجب أن تكون تصرفاتك مقيدة بما فيه مصلحتها المالية، ومن ذلك أن تطالب بمستحقاتها المالية، وما قمت به من بناء عمارة لها والنفقة عليها محل ذلك منوط ومقيد بالمصلحة. وأما استحقاقك أجرة على ما قمت به فمحل خلاف عند أهل العلم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: للولي أن يطالب بحقوق المولى عليه، فيدعي بها ويقيم البينات... أما أكل الولي من مال موليه، فقد اختلف الفقهاء فيه. فذهب الحنفية إلى أن للوصي إذا عمل أجرة مثل عمله إن كان محتاجا استحسانا، وإلا فلا أجرة له. وقال بعض الحنفية: لا يجوز وهو القياس.
وقال المالكية: ليس له أن يأكل منه إذا كان غنيا، أما إذا كان فقيرا فيجوز له أخذ كفايته منه.
وقال الشافعية: لا يستحق الولي في مال محجوره نفقة ولا أجرة، فإن كان فقيرا وشغل بسببه عن الاكتساب أخذ أقل الأمرين من الأجرة والنفقة بالمعروف.
وقال الحنابلة: للولي غير الحاكم وأمينه الأكل لحاجة من مال موليه: الأقل من أجرة مثله أو كفايته، أما مع عدم الحاجة فليس له إلا إذا فرض الحاكم له شيئا. اهـ.
وفي كل الأحوال ليس لك أن تستبد بتحديد أجرتك وإنما يرجع في ذلك إلى العرف أو القضاء.
وما تقدم بيانه في حال كانت جدتك قد بلغت من الكبر مبلغا لم تعد تحسن التدبير وتصريف مالها، أما إذا كانت جدتك لم يتغير عقلها مع كبر سنها، وإنما كان ما يعتريها هو مجرد نسيان عارض، فإذا أجازت جدتك ما قمت به من تصرفات كما ذكرت في كلامك، وطابت نفسها بإعطائك هذا الأجر ووهبت بعض المال لك ولإخوتك فلا حرج في ذلك شرعاً.
والله أعلم.