عنوان الفتوى : طلاق الزوجة عند تكرر نشوزها والعجز عن إصلاحها
أنا رجل متزوج منذ 13 سنة ولي من الأولاد 5 ـ والحمد لله ـ كانت أول 9 سنوات من زواجي من أجمل ما يكون ولكن زوجتي تغيرت منذ 4 سنين، حيث إنها لم تعد كما كانت من قبل، فهي لا تسمع كلامي ولا تحترم إرادتي، وهذا ما يثير اندهاشي، حيث إن التغيير واضح وبدون سبب ذي أهمية تذكر، ولقد بدأت بالتغير منذ وفاة والدي ـ رحمة الله عليه ـ وانقلبت علي هي وأهلها مرة واحدة وأصبحوا يديرونها ويتحكمون بها ولقد أخذوها مرتين إلى بيتهم بداعي ـ الحرد ـ ولأسابيع مع الأولاد واضطررت لإرجاعها في ظروف مذلة من أجل أولادي الذين أحبهم أكثر من كل شيء، ومنذ ذلك الحين وهى تزداد سوءا وغرورا، ولعلها غلطتي بقبول طلبات أهلها عند إعادتها ووصلت الأمور إلى حد أنها أصبحت تخرج من البيت لا لشيء واتخذت ذلك عادة فإذا تحدثت إليها في كل مرة تقاطعني بكل شذوذ وقبح، رغم أنني طلبت منها عدم تكرار ذلك، وأيضا لا تسمع مني ولا تطيعني فيما أطلبه منها ـ وكله بالطبع ضمن المعقول ـ وبما أمرالله به وبدون تعجيز أو تصعيب إلا أنها لا تنفذ ما أطلبه، ومن ورائي تسب وتتجنى علي بأمور لا أفعلها وهى تنكر أيضا كل شيء جيد وجميل أقوم به تجاهها وتجاه أولادنا،أصبحت محتارا معها، حيث أعيش في جحيم لا يطاق وفى كل مرة أقول لنفسي ـ أصبر من أجل الأولاد، ولكن ها قد مرت 4 سنوات كاملة وأنا أعاني من نشوزها وتمردها ويا ليتني أعرف السبب رغم أنني سألتها مرارا وتكرارا وبكل هدوء واحترام إلا أنها لا تجيبني بشيء مفهوم، وأصبحت الآن أعتقد أنها تفعل بي ما تفعله، لأنني ـ وبعد وفاة والدي رحمه الله ـ ورثت مبلغا أهلني لشراء شقة بدلا من السكن سابقا بالإيجار ـ والحمد لله ـ وقمت بتسجيل الشقة الجديدة باسمى وهذا ما لم يعجبها، ولكن رغم ذلك لا أفهم ولا أنا قادرعلى استيعاب تصرفاتها الغريبة والغير مألوفة والتي تقتلني وتجعل حياتي معها صعبة ولا تطاق، فأنا لا أنام كالخلق، وبالكاد آكل وجبة واحدة في اليوم ونزل وزنى 12 كيلو من الهم والغم والنكد اليومي وتكرار خروجها من البيت إلي أهلهاـ حردانة ـ حتى إنني أصبحت الآن أفكر بقلب الطاولة عليها وأخرج أنا من البيت، بل من كل البلد، ولكن ما يمنعني الأولاد حيث إنهم ما زالوا أطفالا صغارا لاحول ولا قوة لهم إلا بالله العلي العظيم، والله تعبان ومهموم منها وحتى إن حالتي النفسية منها أصبحت سيئة وأثر ذلك على عملي الذي أعيش منه وعائلتي ـ والحمد لله ـ أنا لست مقصرا في شيء في بيتي من طعام وشراب وعلاج ومدارس الأولاد وأحسن أثاث ووسائل الراحة موجودة لدينا وكل شيء تطلبه مني مجاب ضمن المستطاع ولو كان بيدي أن أتزوج عليها لفعلت، ولكن الوضع المادي الآن لا يحتمل مع غلاء المعيشة وكذلك لا أريد أن أظلم أولادي وأثير فيهم أمورا قد تؤذى مشاعرهم، والله أحببتها حبا لا يوصف والآن ها هي تزرع في الكراهية تجاهها وتنزع كل المحبة والود بأفعالها وتصرفاتها المقيتة، إنها باختصار خارج السيطرة وكأنها تطلب الطلاق بطريقة ملتوية وهذا ما لم أكن أريده من أجل الأولاد الذين لا ذنب لهم بأن يفقدوا حنان الأسرة ودفء البيت المتماسك، أخبرتها بكل ذلك، وكيف أن الأولاد يستحقون التضحية ولكن وللأسف ـ لا حياة لمن تنادىـ أخبرتها بأن المرأة عندما تتزوج تنتقل ولايتها من أبيها إلى زوجها، كما نص الدين الحنيف، وبأن الزوج له من الحقوق على زوجته أن تطيعه وتحترمه وتعظم من شأنه أمام الناس أجمعين، ولكن كلها محاولات بدون نتيجة. أرجو من فضيلتكم بيان حكم الشرع في حالتي هذه، وما هو حكم الدين بخصوص سلوك زوجتي؟. عذرا على الإطالة، وشكرا لكم مسبقا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحكم في حال زوجتك ظاهرلا خفاء فيه وقد صرحت أنت أثناء حديثك أنها متمردة ناشزة وهذا حق، فإن هذه التصرفات من زوجتك إن كانت واقعية فهي نشوز واضح، بل يحصل النشوز ببعض هذا.
وإنا لننصحك بالصبر عليها ومحاولة استصلاحها وتذكيرها دائما بالله سبحانه وبحقوقه عليها ومن حقوقه سبحانه عليها أن توقر زوجها وتطيعه في المعروف, ولك أن تدلها على بعض الأخوات الصالحات القانتات من أهل الخيروالدعوة إلى الله سبحانه، فإن البيئة الصالحة لها دور كبير في صلاح الشخص وهدايته ـ بإذن الله.
ثم نوصيك بالمواظبة على الرقية الشرعية لك ولها فقد يكون هذا بتأثير شيء من السحرأوالعين ونحو ذلك ولك أن تعرض الأمر على بعض أهل العلم بالعلاج بالرقية الشرعية, فإن لم تعد إلى رشدها ولم ينصلح حالها وتبين لك أن الأمر سببه مجرد الإثم والعدوان واتباع الهوى والشيطان, فلا حرج عليك حينئذ في طلاقها، بل قد يكون طلاقها حينئذ هوالخير ما لم تترتب عليه مفسدة أعظم من بقائك معها على هذا الحال, فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه، وصححه الألباني: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجلٍ مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله، وقد قال عزّ وجل: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ {النساء:5}.
قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق ـ بالضم ـ فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكن وحبس المرأة، مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. انتهى.
ويجوز لك في هذه الحالة أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال, كما بيناه في الفتوى رقم:76251 .
والله أعلم.