عنوان الفتوى : هل تزوج أحد بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته
ما هي الزوجة الأولى التي تزوجها الرسول صلى الله عليه و سلم؟ وهل تزوجت إحدى زوجاته بعد وفاته؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأول زوجة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي: خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ وراجع الفتوى رقم: 26774.
أما زوجاته اللواتي توفي وهن في عصمته فلم تتزوج بعده أي واحدة منهن، لأن ذلك محرم بإجماع أهل العلم وهو من خصائصه صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير فى تفسيره: ولهذا اجتمع العلماء قاطبة على أن من توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه أنه يحرم على غيره تزوجها من بعده، لأنهن أزواجه في الدنيا والأخرة وأمهات المؤمنين كما تقدم. انتهى.
وقال القرطبي فى تفسيره: فحرم الله نكاح أزواجه من بعده وجعل لهن حكم الأمهات، وهذا من خصائصه تمييزًا لشرفه وتنبيهًا على مرتبته صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي ـرحمه الله: وأزواجه صلى الله عليه وسلم اللاتي مات عنهن لا يحل لأحد نكاحهن، ومن استحل ذلك كان كافرًا، لقوله تعالى: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا.
وقد قيل: إنما منع من التزوج بزوجاته لأنهن أزواجه في الجنة، وأن المرأة في الجنة لآخر أزواجها. انتهى.
أما من فارقها من أزواجه فى حياته فقد اختلف في جواز نكاحها لغيره، وقد قيل إن كلا من زوجتيه: الكندية والكلبية قد تزوجتا بعد أن طلقهما وضعف ذلك بعض أهل العلم.
قال القرطبي في تفسيره أيضا: فأما زوجاته عليه السلام اللاتي فارقهن في حياته مثل الكلبية وغيرها، فهل كان يحل لغيره نكاحهن؟ فيه خلاف، والصحيح جواز ذلك، لما روي أن الكلبية التي فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها عكرمة بن أبي جهل على ما تقدم.
وقيل: إن الذي تزوجها الأشعث بن قيس الكندي، قال القاضي أبو الطيب: الذي تزوجها مهاجر بن أبي أمية، ولم ينكر ذلك أحد فدل على أنه إجماع. انتهى.
وقال ابن عاشور فى التحرير والتنوير: واعلم أنه لم يتبين، هل التحريم الذي في الآية يختص بالنساء اللاتي بنى بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو هو يعم كل امرأة عقد عليها مثل الكندية التي استعاذت منه، فقال لها: الحقي بأهلك، فتزوجها الأشعث بن قيس في زمن عمر بن الخطاب، ومثل قتيلة بنت قيس الكلبية التي زوجها أخوها الأشعث بن قيس من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حملها معه إلى حضرموت فتوفي رسول الله قبل قفولهما، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل، وأن أبا بكر هم بعقابه، فقال له عمر: إن رسول الله لم يدخل بها والمرويات في هذا الباب ضعيفة. انتهى.
والله أعلم.