عنوان الفتوى : توبة المحامي الذي كان يجادل بالباطل
بعض المحامين- وهم كثير- يعرفون أن موكلهم سارق، زان، قاتل، بائع للمخدرات. ويريد أن يأكل حقوق الغير بالباطل، وأحيانا يتهموا الخصم بالباطل مما يؤدي به للسجن، ومع ذلك يفندون لموكلهم القانون ليحققوا له ما يريد ويقولون هذه شطارة وهذا شغل، ويقومون بسب وقذف الخصم تحت حماية قانون المحاماة. ما هو الوضع الشرعي لهم؟ هل هم أكالون للسحت شاهدوا زور خائني أمانة، كاتمي الشهادة رامي المحصنين، مضيعوا حقوق الغير وأكلها بالباطل والكثير من الذنوب الأخرى؟ فأرجو ذكرها وكيف يكفر عن هذه الذنوب؟ أرجو الإجابة من القرآن والسنة النبوية الشريفة لسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وتكون الإجابة وافية مستفيضة لعل بعضهم يتوب إلى الله عما يفعل ونكون سببا في ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المحاماة وكالة في الدعوى والإجابة، فإذا تحرى صاحبها الحق كانت مباحة لأنها من الوكالة المباحة فهي مثل إنابة صاحب الحق الضعيف لغيره وهي مشروعة بقوله تعالى: .. فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ... {البقرة:282}. وأما إذا جادل بالباطل كانت حراماً لقوله تعالى: .. وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا. {النساء:105}. ولقوله تعالى: وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا. {النساء:107}. وفي حديث البخاري عد المخاصمة بالفجور من شيم النفاق فقد ذكر منها: وإذا خاصم فجر.
وإذا وقع المحامي في شيء من الذنوب المذكورة في السؤال فيجب عليه التوبة إلى الله والتحلل من أصحاب المظالم إذا كان ألحق بهم ضرراً لما في حديث الصحيحين: من كانت له مظلمة من أخيه فليتحلله منه. وفي الحديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه. ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال. رواه أبو داود وصححه الألباني. وردغة الخبال عصارة أهل النار كما قال الزمخشري.
وراجع للاطلاع على البسط في الموضوع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 40331، 49717، 113490.
والله أعلم.