عنوان الفتوى : حكم تعلم الصفات العشرين الواجبة لله تعالى على مذهب المتكلمين
قد كثر الجدل في ماليزيا حول الصفات العشرين ـ الصفات الواجبة لله ـ ما هو حكم تعلم هذه الصفات العشرين؟ هل هو واجب أم غير واجب؟. أفيدونا بإجابتكم رحمكم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على المسلم الإيمان بما أثبت الله تعالى من الصفات لنفسه أو أثبته له الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يجب عليه تنزيه الله عما نزه عنه نفسه أو نزهه عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فصفات الكمال كلها ثابتة لله تعالى، وصفات النقص مستحيلة عليه سبحانه وتعالى، فعلى المسلم أن يشتغل بمطالعة الكتاب والسنة ويتدبرها ويعتقد ما فيهما، ولا يضره جهل بعضها ما دام لا يعتقد ما يناقضها.
وأما عد الصفات الواجبة والصفات المستحيلة بسبع أو خمس أو عشرين أو ست وستين فهو منهج أهل الكلام. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 99624.
وقد قسم الأشاعرة وغيرهم من المتكلمين صفات الله تعالى إلى ثلاثة أقسام:
قسم واجب في حقه تعالى بمعنى: أن وصفه به تعالى واجب عقلا، لا يتصور في العقل عدمه. وقسم مستحيل عليه تعالى، بمعنى: أن وصفه به محال عقلا، لا يتصور في العقل وجوده. وقسم جائز في حقه تعالى: بمعنى أن وصفه به جائز عقلا، أي بحيث أن العقل يجوز أن يوصف به تعالى وأن لا يوصف.
والصفات الواجبة عندهم عشرون صفة هي: الوجود، والقدم، والبقاء، ومخالفته تعالى للحوادث، وقيامه تعالى بنفسه، والوحدانية، والقدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، وكونه تعالى قادرا، مريدا، عالما، حيا، سميعا، بصيرا، متكلما.
وأهل السنة والجماعة يتلخص منهجهم في: إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تجسيم ولا تكييف، سواء من هذه الصفات العشرين أو غيرها، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين رقم: 44867، 26299، ولذلك فهم يثبتون صفات أخرى لله تعالى لورود الخبر بها، منها صفات فعلية، كصفة الاستواء والمعية والقرب والنزول إلى سماء الدنيا كما يليق به والمجيء يوم القيامة والتعجب والرحمة والرضا والضحك والفرح والغضب.
ومنها صفات ذاتية كصفة الوجه والنفس واليد والأصابع والعين والساق والقَدَم.
وقد سبق التنبيه على أن السلف يثبتون الصفة ويفوضون الكيفية في الفتوى رقم: 46438، وكذلك سبق بيان بعض القواعد في التعامل مع الصفات الإلهية في الفتوى رقم: 27018.
ولنضرب مثلا لبيان الفرق بين مذهب السلف ومذهب الخلف من المتكلمين، في واحدة من الصفات العشرين السابقة، وهو صفة مخالفة الله للحوادث. فمعناها على مذهب السلف أن الله تعالى لا يشبه أحدا من خلقه، ولا يشبهه أحد من خلقه، وهذا لا ينفي ثبوت الصفات التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، كما يقتضيه قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {الشورى: 11}.
أما المتكلمون فمخالفة الله للحوادث عندهم تعني نفي بعض صفات الكمال عنه، زعما منهم أن من أثبت هذه الصفات التي ذكرناها كالاستواء والمجيء، فقد شبه الله بخلقه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28417.
وقد سبق في الفتوى رقم: 24821، التنبيه على أن ما تنازع فيه المسلمون من المسائل العلمية والعملية أصولا وفروعا يجب أن يرد إلى الكتاب والسنة، ولا يحل لأحد كائنا من كان أن يتكلم في أصول الدين ومسائل التوحيد برأيه، أو أن يتخرص فيه بالظنون والأوهام، بل لا يتكلم في ذلك إلا من تلقاه من الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف هذه الأمة. والمسائل الدقيقة في العقائد لا يجوز الكلام فيها أمام العامة ولا مخاطبتهم بها، وإنما يؤمرون بالجمل الثابتة من الكتاب والسنة والإجماع دون الخوض في التفاصيل والمسائل الدقيقة المشكلة. وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 45708، ورقم: 53784.
والله أعلم.