عنوان الفتوى : تزوجت بنته عرفيا وحملت
أنا رجل متزوج ولى ولد وبنتان ربيتهم على الدين، وعلمتهم الصلاة، وألبستهم الحجاب والإسدال، وابنى يحفظ القرآن. تقدم جارى ليخطب ابنتي 16 سنة لابنه فرفضت لأنهم ليسوا ملتزمين، وبعد عام من هذا فوجئت أن ابنتي متزوجة عرفيا وحامل منه في الشهر الرابع. فهل لو قتلته حرام علي. وزوجتي كانت تعرف أنهما على علاقة بالهاتف، ومرة أمسكت به في غرفة نومها وسط الليل ولم تخبرني وأخرجته، وأحسست بأن أحدا كان عندها، فسألتها فأنكرت علي بحجة أنها خافت أن أقتله، ولما انكشف الحمل صارحتني بما كان، فانا أريد طلاقها. ماذا أفعل معها، وهل حرام علي أن أضع هذا الحمل في الملجأ. أرجو الإفادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء نؤكد على أن ما حدث من ابنتك لم يكن ليحدث إلا بتفريط وتهاون منك ومن أمها، لو أنكما أحسنتما الرقابة عليها، وأخذتما بأسباب التوقي والحيطة لما كان ما كان.
ولكن أما وقد حدث ما حدث، فإنه لا يجوز لك قتل هذا الشاب؛ لأنك إن قتلته فقد بؤت بإثم قتل النفس المعصومة، والقاتل حكمه أن يقتل قصاصا بمن قتله، وقد سبق ذكر إثم جريمة القتل في الفتوى رقم: 59746 .
ولا ندري الكيفية التي تم بها هذا الزواج، وهل كان هناك شهود على الزواج أم لا؟ فإن لم يكن هناك شهود فلا شك أن هذا الزواج باطل لخلوه من الولي والشهود.
جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية: إذا تزوجها بلا ولي ولا شهود وكتما النكاح، فهذا نكاح باطل باتفاق الأئمة ؛ بل الذي عليه العلماء أنه { لا نكاح إلا بولي } { وأيما امرأة تزوجت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل } . وكلا هذين اللفظين مأثور في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال غير واحد من السلف : لا نكاح إلا بشاهدين . وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد . ومالك يوجب إعلان النكاح . " ونكاح السر " هو من جنس نكاح البغايا ؛ وقد قال الله تعالى : { محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان } فنكاح السر من جنس ذوات الأخدان. انتهى.
ولا بد من فسخ هذا النكاح فورا، لكن إن كان هذا الرجل قد اعتقد أنه نكاح صحيح، فإن الوطء الذي حصل فيه يعتبر وطء شبهة، وبالتالي يثبت نسب هذا الولد له. جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية: لكن إن اعتقد هذا نكاحا جائزا كان الوطء فيه وطء شبهة يلحق الولد فيه ويرث أباه. انتهى.
وبالتالي فإنه لا يجوز لك أن تودع هذا الولد ملجئا ولا غيره، بل عليك أن تتركه لأمه فهي أولى الناس بحضانته بعد فسخ هذا النكاح، ونفقته على أبيه.
وأما إذا كان قد تزوجها بشهود وخلا النكاح من الولي فقط فهذا النكاح أيضا باطل على رأي جمهور أهل العلم، ويجب فسخه أو أن يطلقها زوجها إلا إذا حكم بصحته حاكم حنفي يرى صحة تزويج المرأة لنفسها فعند لك يثبت النكاح إذا كان زوجها كفؤا لها، والولد نسبه ثابت لأبيه في هذه الحالة أيضا، بل هو أولى بالثبوت من الحالة الأولى.
أما بخصوص زوجتك فلا شك أنها وقعت في إثم عظيم عندما تسترت على هذا الشاب بعدما رأته في غرفة ابنتها، وهي بذلك قد خانت الأمانة التي استأمنها الله عليها، ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : والمرأة رَاعية في بَيت زَوجِها وهي مَسؤولةٌ عَن رَعِيتَها. متفق عليه، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن استرعاه الله رعية فضيعها. قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم.
ولكنا على كل حال لا ننصحك بطلاقها، وذلك لأنها تأولت في إخفاء هذا الأمر عنك، وخافت أن تأخذك فورة الغضب فتقتل هذا الغلام فيفسد عليك دينك ودنياك.
والله أعلم.