عنوان الفتوى : ابن الزنى...حكمه...ونسبته ورعايته... رؤية شرعية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

إذا زنى رجل بامرأة وحملت منه (عافانا الله جميعا) وأرادا أن يتزوجا بعد أن تابا توبة نصوحاً . وبما أنه لا يجوز أن يظهرطفل الزنا على محارم الرجل .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه من زنى بامرأة وأراد أن يتزوجها، فلا يجوز له أن يتزوجها حتى يتوبا إلى الله سبحانه توبة نصوحاً، وإذا كانت حاملاً من الزنى لا يجوز لهما أن يتزوجا حتى تضع وتطهر، لئلا يختلط النكاح بالسفاح، وهذا على الراجح من قولي العلماء، وولد الزنى ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية صحيحة، تثبت بها الحرمة والمحرمية، ويترتب عليها الولاية الشرعية، والتعصيب، والإرث، وغير ذلك من أحكام البنوة، لأنه ابنها حقيقة، ولا خلاف في ذلك. أما نسبة الولد إلى (أبيه من الزنى) فهي غير جائزة عند جمهور العلماء، وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار، وأبو حنيفة حيث قالوا: إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه، فلا بأس أن يتزوجها، وليستر عليها، والولد ولده ينسب إليه. والراجح هو قول الجمهور، فإن تعذر نسبة الولد إلى أمه فيختار له اسم يناسب حاله مثل: عبد الله بن عبد الرحمن، أو محمد بن عبد الرحمن، وإن كانت أنثى تسمى بما يناسب حالها أيضاً: مثل: بنت عبد الله أو عبد الكريم، وما أشبه ذلك، ولا يجوز أن ينسب إلى عائلة معينة، أو إلى رجل معين مدعياً أنه أبوه، وهو في الحقيقة ليس كذلك لأدلة كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه -وهو يعلم أنه غير أبيه- فالجنة عليه حرام" رواه البخاري ومسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر" رواه البخاري ومسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً" رواه البخاري ومسلم.
أما قول السائل: (أين سيعيش هذا الطفل علما بأنه لا ذنب له فيما حصل؟..إلخ) فالجواب عنه هو: أن أمه ملزمة برعايته، وتربيته، وعليه، فإنه سيعيش معها، وإن تم إرساله إلى ملجأ أو حضانة، فلا بد من متابعته ورعايته، والإنفاق عليه، لأنه لا ذنب له فيما حصل، حيث إنها جناية أمه مع من فعل بها ذلك، وعليها أن تتحمل نتيجة صنيعها، ولا يجوز أن يحمل الإسلام وأحكامه السمحة من ذلك شيئاً.
وكون الولد أو غيره قد يعرف حقيقة ما حصل، وأن (الولد ولد زنى) يدلنا على بشاعة الزنى وقبحه، وأن الفضيحة والعار يلحقان الزناة في الدنيا والآخرة في أغلب الأحوال.
وهذا لا يعني أننا لا نسعى إلى عدم إطلاع الولد على أنه ابن زنى، بل علينا أن نسعى جاهدين على أن لا يطلع على ذلك، فنقول له على سبيل التورية: أبوك رجل اسمه عبد الرحمن، فإذا قال لنا: أين هو؟ فنقول له: رحِّم عليه؛ رحمة الله عليه.
وفي المعاريض مندوحة عن الكذب.
وعلى كل، فإن على من ابتلي بالزنى التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة عسى أن يتوب الله عليه، وعسى أن يستره في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.