عنوان الفتوى : لا ترد دعوة من دعا ربه وهو موقن بالإجابة
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاما تخرجت منذ حوالي 4 سنوات لكني إلى الآن لم أعمل فقد كنت متطوعة في مركز خيري وقد خطبت منذ حوالي سنة وفسخت خطبتي إلا أن هذا سبب لي آلاما كثيرة بسبب كلام من حولي ممن أثق بدينهم وكنت أحبهم حبا جما في المركز الخيري فتركت العمل فيه، لكني إلى الآن أذهب لحضور بعض المحاضرات الدينية فيه وأضغط على نفسي لأقابلهم مع أني لا أحبهم وفقدت الثقة بهم وحاولت بعدها العمل وحفظ القرآن، لكني لم أوفق ومنذ أن فسخت خطبتي أدعو الله أن يعوضني خيراً مع أني أشعر أحيانا بأنه لن يستجيب لي وصارت تأتيني وساوس عن الله تعالى أشعر ببعد عن الله كما أشعر بضيق في صدري وكره لكل شيء حولي من أقارب وأصدقاء وغيرهم ولا همة لي على العمل كما أخاف من العنوسة وأخاف أن يكون ذلك عقابا لي أحاول الآن لزوم الاستغفار لكني ما زالت هذه الوساوس تأتيني كما أن وضعنا في المنزل ليس بجيد فأبي منذ 15 سنة لم يعمل ولا يهتم لأحد منا وهو بطبعه عصبي وأخي الصغير في ضياع وأمي مهمومة بوضعنا وأخي الكبير يريد الزواج لكنه لا يستطيع لأسباب مادية أشعر أن كل الأبواب مسدودة ما العمل ساعدوني كي أخرج مما أنا فيه؟ جزاكم الله كل الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل المولى العلي القدير أن يزيل همك ويفرج كربك وييسر لك زوجاً صالحاً تقر به عينك... ونوصيك بالإكثار من التضرع إلى الله تعالى بقلب صادق فإنه مجيب الدعاء وهو القائل سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، ومن آداب الدعاء تيقن الاستجابة وحسن الظن بالله تعالى، روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
وللمزيد من الفائدة عن آداب الدعاء راجعي في ذلك الفتوى رقم: 23599.
وعليك بطرد كل وساوس تنتاب قلبك سواء فيما يتعلق بأمر العنوسة أو غيرها، ثم إنه لا بد من بذل الأسباب، ومن ذلك البحث عن الأزواج وهذا أمر لا حرج فيه إن التزمت المرأة بالآداب الشرعية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 18430.. ويمكنك أن تستعيني ببعض أقربائك أو صديقاتك.
وأما ما ذكرت من الوساوس عن الله تعالى فذلك من كيد الشيطان لينكد عليك حياتك ويفسد عليك دينك فنوصيك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومدافعة هذه الوساوس، فإنها لن تضرك بإذن الله، روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
وعلى كل حال فعليك بالتحلي بالصبر فعاقبة الصبر خير، واجتهدي في تزكية النفس وصحبة الصالحات وستجدين في ذلك كثيراً من السعادة وراحة البال، وينبغي أن تناصحي أباك بأسلوب طيب وأن تحثيه على العمل، وأن تناصحي أخاك بأمر الزواج وأن يسعى في سبيل يمكن أن يتحقق له ذلك من خلالها ومن ذلك أن يبحث عن زوجة وولي يرتضيان القليل من المهر وتكاليف الزواج، وإن يسر الزواج من أسباب بركته.
والله أعلم.