عنوان الفتوى : محل جواز معشرة الزوجة بدون رضاها
ما هى المعاشرات الجنسية التى لا بد فيها من موافقة الزوجة ؟ أم يجوز للرجل أن يعاشرها حتى ولو لم ترض بذلك ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس للمرأة أن تمتنع من فراش زوجها، ولا عن أي صورة من صور استمتاعه بها، طالما كانت مباحة، بل الواجب عليها أن تجيبه كلما دعاها، ما لم يضرها أو يشغلها عن واجب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه. فإن امتنعت من غير عذر كانت ناشزا، والناشز يسقط حقها في النفقة والكسوة والقسم.
وعلاج النشوز يكون بأن يعظها ويذكرها بالله ويخوفها من عقابه ، ثم يهجرها في المضجع ، ثم له أن يضربها ضرباً غير مُبَرِّح، قال الله تعالى: وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34 }
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يجب على الزوج إذا منعته من نفسها إذا طلبها ؟ فأجاب: لا يحل لها النشوز عنه ، ولا تمنع نفسها منه ، بل إذا امتنعت منه وأصرت على ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح ، ولا تستحق نفقة ولا قسما. انتهى.
فإن أصرت بعد هذا كله، فله أن يطلقها أو يعضلها لتفتدي منه بمال، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 76251.
أما بخصوص إجبارها على الجماع أو أي نوع من الاستمتاع المشروع، فليس في النصوص الشرعية ما يشير إليه، فحكمه حكم المسكوت عنه، وما سكت عنه الشرع فهو عفو، وحينئذ فيجوز له إكراهها على ذلك ؛ لأنه إذا جاز له أن يضربها ضرباً غير مبرح عند نشوزها بهجر فراشه، فيسوغ له من باب أولى أن يُكرهَها على الجماع بلا ضرب.
ويتأكد ذلك إذا طال هجرها لفراشه، وخاف على نفسه العنت والوقوع في الحرام، وقد جاء في كلام الفقهاء ما يدل على ذلك.
ففي البحر الرائق لابن نجيم:...... وقيد بالخروج لأنها لو كانت مقيمة معه في منزله ولم تمكنه من الوطء فإنها لا تكون ناشزة؛ لأن الظاهر أن الزوج يقدر على تحصيل المقصود منها بدليل أن البكر لا توطأ إلا كرها.
ومحل جواز الإكراه هو أن لا يوجد مانع من الوطء من حيض أو نفاس أو صوم فريضة ونحوه، ولم يكن بالمرأة ما تتضرر به من جماعه كمرض ونحوه.
مع التنبيه على أن الزوج ينبغي له أن يراعي حال زوجته وأحوالها النفسية، ولا يطلب منها المعاشرة في أوقات ضيقها ونفورها. وعليه أن يصبر عليها في ذلك كله حتى يتم اللقاء بينهما على أكمل حال وأحسنه.
والله أعلم.