عنوان الفتوى : ترك الصلاة لأجل اقتراف الذنوب من مكائد الشيطان
ذنب لا أستطيع تركه رغم أنني أصلي فهل صلاتي جائزة مع أنني أقطعها كلما وقعت فيما يغضب الله أحيانا أفكر في ترك الصلاة و البحث عن طريق يخرجني من صراع نفسي مع النفس لترك الذنب لكن ما هي إلا أيام معدودات حتى أكرر نفس الذنب هل من أحد يخرجني من مصيبتي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يتوب عليك، وإذا كان كل من أذنب ذنبا سيترك الصلاة لترك كثير من الناس الصلاة، واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والدارمي وحسنه الألباني.
فلا تلتفت لوساوس الشيطان، واعلم أن صلاتك إن استجمعت شروطها وواجباتها وأركانها فهي صحيحة مهما كان ذنبك ما لم يصل الذنب لحد الكفر بالله، واعلم كذلك أن العبد كلما تاب من ذنوبه تاب الله عليه ولو تكرر ذلك منه مرات، ففي الصحيحين عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ.
قال الإمام النووي رحمه الله: قَوْله عَزَّ وَجَلَّ لِلَّذِي تَكَرَّرَ ذَنْبه: اِعْمَلْ مَا شِئْت فَقَدْ غَفَرْت لَك. مَعْنَاهُ: مَا دُمْت تُذْنِب ثُمَّ تَتُوب غَفَرْت لَك.
فلا تترك الصلاة أبدا مهما بلغ ذنبك، فإن هذا من وسوسة الشيطان لأن تركك للصلاة أعظم من ذنبك الذي تفعله؛ فمن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله ترك الصلاة.
قال ابن القيم رحمه اللّه في كتاب الصلاة: لا يختلف المسلمون أنّ ترك الصّلاة المفروضة عمدا من أعظم الذّنوب وأكبر الكبائر، وأنّ إثمه عند اللّه أعظم من إثم قتل النّفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزّنى والسّرقة وشرب الخمر، وأنّه متعرّض لعقوبة اللّه وسخطه وخزيه في الدّنيا والآخرة.
وطريق الخروج من الصراع النفسي والبعد عن وسوسة الشيطان يكون بمداومة التوبة والاستغفار، والبحث عن بديل مشروع يشغلك عن هذا الذنب، والتفقه في الدين فالعلم بصيرة ونور، مع اللجوء إلى الله والتضرع ليرزقك الاستقامة والثبات عليها، والمداومة على الصلاة والحرص على تحصيل وسائل الخشوع فيها فقد قال سبحانه: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.
وقال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
وراجع الفتوى رقم: 5450، ففيها أن التوبة مقبولة بشروطها، والفتوى رقم: 65968، وفيها أن ترك الصلاة من أعظم الذنوب بل سماه الشرع كفرا، والله الموفق.
والله أعلم.