عنوان الفتوى : حكم عمل المسلم سائقا لامرأة كافرة
هل يجوز لزوجي أن يشتغل سائقا لامرأة أمريكية متزوجة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخلو أن تكون هذه المرأة التي يريد العمل معها مسلمة أو كافرة، فإن كانت مسلمة فيجوز له أن يعمل سائقا لها إذا لم يترتب على ذلك محظور شرعي، كالخلوة بها في السيارة دون محرم أو غيرها من النساء، فإن تضمن العمل الخلوة فلا يجوز؛ لأن الخلوة بالمرأة الأجنبية حرام، وهو ذريعة للشر والفساد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وأحمد.
أما إن كانت هذه المرأة كافرة فلا يجوز له هذا العمل وذلك لما يلي:
1- أن عمل المسلم عند الكافر إذا تضمن حبس المسلم لمصلحة الكافر قياما بخدمته ورعاية لشئونه فإنه لا يجوز لما في ذلك من امتهان الكافر للمسلم وعلوه عليه وهذا غير جائز، لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141}, قال ابن قدامة في المغني: ولا تجوز إجارة المسلم للذمي لخدمته. نصَّ عليه أحمد. وعلّل ابن قدامة على عدم الجواز بقوله: ولنا أنه عقد يتضمن حبس المسلم عند الكافر وإذلاله له واستخدامه ... انتهى. والظاهر أن عمله سائقا لها فيه نوع من المذلة والامتهان فلا يجوز.
2- أن عمله معها في هذا يتضمن غالبا معاونتها على الإثم والمعاصي؛ لأن هؤلاء القوم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يدينون دين الحق ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله من الخمور والخنزير والتبرج وكثير من الفواحش، ولن يخلو أن يقوم زوجك بحملها إلى أماكن الفجور أو حمل مثل هذه الأشياء المحرمة لها، وهذا غير جائز لقوله تعالى قال عز وجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
أما إذا كان عمله في مؤسسة ما تديرها هذه المرأة، وكان ملتزما في عمله بأحكام الشرع وآدابه، فلا حرج عليه حينئذ في هذا العمل لانتفاء ما سبق من المحظورات.
والله أعلم.