عنوان الفتوى : ماهية العقيدة التي تنجي العبد يوم القيامة
عندي شك حول العقيدة من حيث أنني لا أعرف ما هي الفرقة الناجية. فمرة أشعري، ومرة سلفي، ومرة معتزلي، وأخاف أن أموت على هذه الحالة، وأنا متمسك الآن بعقيدة السلف. ولكن سؤالي هو : هل يجوز أن أدعو الله إن كانت عقيدته هي عقيدة السلف أن يهديني إليها وإن كان غيرها فليهديني إليها حتى لو كانت عقيدة الشيعة، فهل عند دعائي بذلك أكون كافرا أو مخالفا للعقيدة، وبصراحة أنا لا أستطيع التركيز فأقرأ ردود السلف على الأشاعرة والعكس، وأنا طالب جامعي في قسم اللغات فأرجو إرشادي؟ ولقد قرأت للإمام محمد بن عبد الوهاب بأنه من كان في شك من أمره فليدع الله أن يهديه إلى الحق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجبُ على كل مسلم أن يعتقدَ أنه لا ينجيه غداً بين يدي الله إلا أن يعتقد العقيدة التي كان عليها الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم، وهي العقيدة الصافية النقية المتلقاةُ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وهي التي ربى النبي صلى الله عليه وسلم عليها الصحابة وعلمهم إياها، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن تشعب الأمة وافتراقها، ووضح سبيل النجاة توضيحاً لا يلتبس معه الحق بالباطل، فقال صلى الله عليه وسلم: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
وقد شرط الله عز وجل في إيمان من يجيءُ بعد الصحابة أن يكون مماثلاً لإيمانهم، لكي يكون مهتدياً، قال عز وجل: فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ {البقرة :137}.
وشك المسلم في هذه القاعدة الكبرى والركيزة الأساسية من ركائز الدين يُعد خللاً في إيمانه وضعفاً في عقيدته، فالواجبُ عليك -أيها الأخُ الفاضل- أن تلزم الحق وتثبت عليه، وأن تنظر إلى ما كان عليه السابقون الأولون من الهدى والاعتقاد فتلزمه، وأن تقطع وتجزم أنكَ لا تنجو إلا بهذا، قال عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة:100}.
وعليكَ أيضاً أن تقطع وتجزم ببطلان كل من خالف هذا المنهج الواضح، وأن عقائد أهل الكلام والفلسفة فضلاً عن من هم أشد منهم بدعة ليسَ فيها من الحق إلا ما وافقوا فيه الكتاب والسنة، وعليكَ إن كنت في شكٍ من أمرك وحيرة أن تخلص قصدك ونيتك لله، واجتهد في سؤاله الهداية إلى سواء السبيل، وهذا الدعاء الذي ذكرته ليسَ كفراً، وليس فيه مخالفة إلا من حيثُ شكك في كون عقيدة السلف هي الواجب اعتقادها، وخيرٌ من هذا الدعاء الذي ذكرته ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: اللهم اهدني وسددني. أخرجه مسلم.
وتدعو كذلك بالمأثور عن أبي بكرٍ رضي الله عنه: اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه، ولا تجعله مُلتبساً علي فأضل.
وأنت في كل ركعةٍ من ركعات صلاتك تدعو قائلا: اهدنا الصراط المستقيم ، فلو صدقت في هذه الدعوة، وأخلصت لربك عز وجل فإن الله عز وجل لا يخيبك ولا يحولُ بينك وبين الهداية.
واحذر أشد الحذر من وساوس الشيطان ومكايده، فإنه لا يريده للإنسان الخير مطلقا، وما ذكرته هو من وساوسه الخبيثة.
ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54581، 5608، 64890، 77988.
والله أعلم.