عنوان الفتوى : حكم امتناع الوارث عن إخراج الوصية لحاجته للمال
أسأل لقريبة لي توفي أخوها، وكان قد أوصى بماله كله للفقراء، ولكنهم أرادوا أن يوزعوا الثلث فقط على الفقراء، بعد أن سألوا العلماء، فوزعوا المال على الورثة بحيث يقوم كل واحد منهم بإخراج الثلث. إلا أن أخته هذه لم تخرجه، فهي بحاجة لهذا المال. فهل يجوز لها أن تأخذه، وإن كان، ما هي حدود هذه الحاجة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما أفتى به هؤلاء العلماء أن لا ينفذ من هذه الوصية إلا الثلث صحيح، فإن من له وارث فلا يصح أن يوصي في ماله بأكثر من الثلث؛ لما في المتفق عليه من قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: الثلث، والثلث كثير؛ إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
وقد أخطأ هؤلاء الورثة حين لم يخرجوا الثلث من التركة قبل قسمتها، وكان الواجب عليهم المبادرة بتنفيذ الوصية، فإن الإرث إنما يقسم بعد إخراج الوصية والدين لقوله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ {النساء:12}.
والواجب على جميع الورثة أن يخرج كل منهم حظ الوصية من ماله، وليس لهذه الأخت أن تمتنع من إخراج ثلث ما حصلته من التركة؛ لأن هذا الثلث ليس حقا لها، بل هو حق الموصى له، وهي وإن كانت محتاجة فليس لها أن تأكل مال غيرها بزعم الحاجة، بل هذا من تبديل الوصية ومنع تنفيذها، وعقوبة هذا الذنب شديدة. وانظري الفتوى رقم: 23129.
وأما هي فإن تابت وأصلحت وأنفذت الوصية فسوف يغنيها الله من فضله، وإن كانت من أهل الزكاة فجائز لها أن تأخذ من مال الزكاة، وأما أن تأكل مال الوصية بزعم الحاجة فهذا ما لا يجوز البتة.
والله أعلم.