عنوان الفتوى : حكم التداوي بأعشاب مخلوطة بخمر
أختي مريضة بمرض الربو من زمان، ولقد وصفت لها عقدة من أعشاب ولكن تختلط مع خمر، يعني يطبخ الخمر طبخا جيدا حتى ينزع منه الكحول كاملا، ثم تشرب منه كل صباح. فما حكم الشرع في استعمال هذه الخمرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. ولا تحيلوني إلى أجوبة أخرى. وشكرا لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجوز التداوي بالخمر، وأنها داء وليست بدواء، فعن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء؟ فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء. رواه مسلم.
وقال البخاري في صحيحه: قال ابن مسعود في السكر: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم اهـ.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث، رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى خلق الداء والدواء، فتداووا، ولا تتداووا بحرام. رواه الطبراني، وصححه الألباني. وقد سبق لنا بيان ذلك مع بيان أنه لا يجوز التداوي بالخمر حتى عند الضرورة، وذكر وجه ذلك في الفتوى رقم: 6104.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم الانتفاع بالخمر للمداواة، وغيرها من أوجه الانتفاع، كاستخدامها في دهن، أو طعام، أو بل طين... وذهب الشافعية إلى أن التداوي بالخمر حرام في الأصح إذا كانت صرفا غير ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه ويجب الحد. أما إذا كانت ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه، فإنه يجوز التداوي به عند فقد ما يقوم به التداوي من الطاهرات، وحينئذ تجري فيه قاعدة الضرورة الشرعية. وإذا يجوز التداوي بذلك لتعجيل شفاء، بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك، أو معرفته للتداوي به، وبشرط أن يكون القدر المستعمل قليلا لا يسكر. وذهب الإمام النووي إلى الجزم بحرمتها فقال: المذهب الصحيح تحريم الخمر للتداوي اهـ. وهذا هو الصواب الموافق للأدلة.
وننبه السائل الكريم إلى أن خلط الأعشاب بالخمر ينجسها، وطبخهما بعد ذلك لا يفيد الطهارة. وإنما ذلك يكون إذا استحالت الخمر استحالة تامة إلى ما لا يسكر قبل خلطها بغيرها، فإنها تطهر بذلك لأن اسم الخمر لم يعد يطلق عليها لزوال وصف الإسكار عنها. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 76997.