عنوان الفتوى : تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ(مصلح) و (ثوري)... رؤية شرعية
تسمية الرسول عليه الصلاة والسلام(مصلح) (ثوري) دون ما سماه الله به (رسول) (نبي)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللنبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة، وقد ألف في عدها وشرحها كتب، ومن أحسن من تكلم عليها جمعاً وعداً الإمام الصالحي في كتابه القيم (سبل الهدى والرشاد) قال رحمه الله: (الذي وقفت عليه من ذلك خمسمائة اسم، مع أن في كثير منها نظراً..) ومن ضمن ما عده من الأسماء: المصلح، ولم يذكر له سنداً صحيحاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى به نفسه، أو سماه به أهله، وإنما نقل قول القاضي: (وجد على الحجارة القديمة مكتوب: "محمد تقي مصلح سيد أمين") ولذا لا يسمى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم، قال الصالحي: نقل الإمام الغزالي رحمه الله تعالى الاتفاق، وأقره الحافظ في الفتح على أنه (لا يجوز لنا أن نسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم لم يسمه به أبوه، ولا سمى به نفسه الشريفة)
ولم يذكر أحد -فيما نعلم- تسميته بثوري، فلا يجوز تسميته به أيضاً، قال الإمام النووي يرحمه الله: (وغالب هذه الأسماء التي ذكروها إنما هي صفات، كالعاقب، والحاشر، فإطلاق الاسم عليها مجاز)
والحاصل أن وصفه صلى الله عليه وسلم بالمصلح جائز، لأن الله أصلح به الفساد الذي كانت عليه البشرية قبل بعثته عليه السلام.
وأما وصفه بالثوري فالذي يظهر لنا المنع منه، لأن الثورة هي: الهياج والاندفاع عند رؤية الأوضاع المخالفة لآراء الشخص وتوجهاته.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم تحركه الثورة، ولم يتلبس بالاندفاع، وإنما قاده الوحي، فلم يخرج على الناس معلنا دعوته حتى أمره الله بذلك، وظل ثلاثة عشر عاماً في مكة يوصي أصحابه بالصبر والعفو والصفح وتحمل الأذى، لأنه لم يؤمر بالقتال في تلك الفترة، فهو نبي رسول، لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
وإن نفراً من أهل الأهواء يختارون أن يصفوا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه بأنه مصلح، وعبقري، وثوري، فراراً من وصفه بالنبوة والرسالة، لأنهم من المكذبين بالغيب، أو الشاكين فيه، ولهذا ينبغي الحذر من الوقوع في هذه المهواة السحيقة، فإن إنكار النبوة والرسالة كفر بالله، وبأنبيائه ورسله ودينه.
والله أعلم.