عنوان الفتوى : حكم إقامة علاقات مع الجن ودعوتهم لحضور مجالس العلم
نحن مجموعة من الشباب يجمع بيننا حب الله ورسوله وتصافينا على خدمة هذا الدين بقدر ما أمكننا الله وحصل في هذه الآونة الأخيرة أن ظهرت في مدينتنا حالات من الإصابة بالمس والسحر من الأمراض المتعلّقة بالجن، طلب منّا كثير من الناس أن نسعى إلى تعلّم الرقية الشرعيّة لنجنّب الناس الوقوع في أيدي السحرة والمشعوذين رفضنا في البداية لخوفنا من الوقوع في البدع والضلالات لكن بعد أن كثر السحرة وكثرت حالات الصرع قرّرنا بعد تعلّم العقيدة أن ندخل هذا الباب واستعنّا بالله على ذلك وبعد مدة حصل أن تزايد عدد الإخوة المعالجين بالرقية الشرعية على منهج أهل السنة لكن حدث أن التقينا في حالات عدة بجن مختلفة مذاهبهم وأهدافهم... ومن هنا تبدأ القصّة وهي أغرب من الخيال لكنّنها حقيقة.. وبعد مدة تعرض أحد أصدقائي (أحسبه من الصالحين والله حسيبه) لهجوم على منزله من قبل عفاريت كان هذا الأخ سببا في خروج أحدهم من جسد أحد المرضى وقد صبر الأخ مدّة طويلة تعرّض فيها للتّخويف والتهديد وقام الأخ خلال تلك الفترة على مضاعفة الطاعات وكثرة تلاوة القرآن في منزله إلى أن مرّة مدة كلّمه بعضهم وخاطبوه واعتذروا له على ما آذوه وأعلنوا توبتهم وكان الأخ يدعوهم إلى الكتاب والسنة وبعد مدة بدأنا نتعرّف على هؤلاء الجن وجلسنا معهم وتحادثنا وحصلت بيننا صداقة عرفنا من خلالهم عالمهم وأبدوا لنا حبا كبيرا وصرنا نراهم في الشوارع ومنهم الملتحون مثلنا ورأينا نساءهم منقّبات إلخ وأعطيناهم دروسا لمشايخ أهل السنة وحدّثونا أنهم عفاريت مسلمون وأنهم تابوا إلى الله وأسلمت مجموعات منهم وهم إلى الآن لم نر منهم إلا الخير رغم حذرنا الشديد وقرأنا أن شيخ الإسلام ابن تيميّة أفتى بجواز اتخاذ الأصدقاء من الجن لكن هذا لم يطمئئّي أنا شخصيّا لعلمي بأن هذا الباب عادة لا يفتحه السلف الصالح وممّا حدّثونا أنهم يذهبون لحضور دروس لمشايخ في المملكة وقالوا لنا أسماء لمشايخ نعرفهم وقالوا بأنّهم معشر العفاريت ليسوا كالشياطين وأخبرونا بمعارك حصلت بينهم وبين إبليس وجنده ودخل أحد الإخوة إلى عالمهم وهم وجّهوا إليّ دعوة للحضور إلى مجالسهم في أحد القصور المهجورة ولديهم أطفال رأيناهم يحفظون القرآن ويتلونه علينا وهذا الأمر بقيّ إلى الآن سرّا بيننا لكنّي أحببت أن أسأل فضيلتكم عن هذا الأمر لعلّكم ترشدوننا إلى ما فيه خير دنيانا وأخرانا.. وسؤالي هو: هل تعاملنا معهم جائز شرعا وإن كان محرّما فما الدليل.. ثانيا : هل لك أن ترشدنا إلى طرق نتعرّف من خلالها صدقهم من كذبهم ونحن إلى الآن ما رأينا منهم إلا خيراً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الجن لا يؤتمنون ولا يوثق بكلامهم نظراً لما يوجد عند كثير منهم من الخداع والكذب والدجل والتضليل، وأما رؤيتهم فقد تحصل لبعض الناس كما حصل لبعض الصحابة مثل أبي هريرة وأبي بن كعب وغيرهما.
ولا شك أن الجن فيهم الطائع والعاصي؛ لقول الله تعالى إخباراً عنهم أنهم قالوا: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا {الحج:11}، وقوله عنهم: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا {الجن:14}، ويشرع للمسلم أن يستجيب لهم إذا دعوه ليعمل لهم درساً دينياً، لما في حديث مسلم: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن.
وينبغي للمسلم أن يواظب على التحصينات الربانية والأذكار المقيدة والمطلقة ويلتزم بالواجبات الشرعية ويبتعد عن المحرمات، فبقدر ما تقوى الطاعة عند العبد يأمن شرهم، وبقدر ما تقع منه المعاصي يتسلطون عليه.
وأما معرفة صدقهم من كذبهم فلا نعلم طريقة له... وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على المزيد من الفائدة في الموضوع وكلام أهل العلم في التعامل معهم: 106208، 54462، 61349، 75793، 7369، 49554.
والله أعلم.