عنوان الفتوى : حكم من نزل منه المني يقظة بسبب النظر وهو لا يستطيع الصيام
ما حكم من نزل منه المني يقظة وهو يشاهد بعض صور الجنس في رمضان وهو لا يستطيع الصيام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجبُ على من فعل هذا التوبة النصوح إلى الله عز وجل، والإقلاع عن مشاهدة تلك الصور المحرمة فإن ذلك من أعظم مفسدات القلب، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. {النور 30}.
ويجبُ عليه قضاءُ ذلك اليوم على الصحيح من قولي العلماء، فقد اختلفوا فيمن أنزل بتكرار النظر هل يفسدُ صومه أو لا ؟، والصحيحُ أنه يفسد لأنه تسبب في خروجِ المني بفعله.
قال ابن قدامة رحمه الله: إذا كرر النظر فأنزل، ولتكرار النظر أيضا ثلاثة أحوال; أحدها: أن لا يقترن به إنزال، فلا يفسد الصوم بغير اختلاف. الثاني: أن يقترن به إنزال المني، فيفسد الصوم في قول إمامنا، وعطاء، والحسن البصري، ومالك، والحسن بن صالح. وقال جابر بن زيد، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وابن المنذر: لا يفسد ; لأنه إنزال عن غير مباشرة، أشبه الإنزال بالفكر.
ولنا أنه إنزال بفعل يتلذذ به، ويمكن التحرز منه، فأفسد الصوم، كالإنزال باللمس، والفكر لا يمكن التحرز منه، بخلاف تكرار النظر. انتهى.
وهل يجبُ عليه مع القضاء الكفارة ؟، في هذا أيضاً قولان معروفان للعلماء، والصحيحُ وهو قول الجمهور أن الكفارة لا تلزم إلا بالجماع.
وكأن السائل قد أشار بقوله (و هو لا يستطيع الصيام) إلى صيام الكفارة، وقد ذكرنا أن الصحيح عدمُ وجوبها وإنما يلزمه القضاء مع التوبة، وأما إن عجز عن القضاء فإن كان عجزه مما يُرجى زواله فعليه الانتظار حتى يستطيع القضاء فيقضي، وإن كان مما لا يُرجى زواله فعليه أن يُطعم مسكيناً مكان هذا اليوم؛ لقوله تعالى: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة 184}.
هذا كله فيما لو كان حصل منه إنزال المني وهو صائم -كما هو الظاهر من السؤال- أما لو كان حصل منه ذلك وهو مفطر لعجزه عن الصوم فعليه التوبة مما فعل، وأما قضاء ذلك اليوم فهو لازم له إن كان يرجى زوال عذره وإلا فعليه الإطعام كما ذكرنا.
والله أعلم.