عنوان الفتوى : واجب من جامع في رمضان بعد رجوعه من السفر ظانا عدم انقطاع السفر
رجعت من السفر بعد عام غربة في منتصف رمضان الماضي، وفي أول يوم بعد العودة، وفي بداية اليوم حصل بيني وبين زوجتي جماع، وهي من ساعدتني على ذلك، ولم نستطيع الإمساك. وكنت أظن أن الجماع من مبيحات الإفطار في الصيام إذا كنت على سفر، ولا أعلم أنه إذا وصلت لبلدي لا يجوز لي استعمال رخصة السفر كمبرر للإفطار، وعليه فإنني اغتربت مرة أخرى الآن. فما هي الكفارة المناسبة لي ولزوجتي، علما بأن الغربة الآن بها مشقة في صيام شهرين؛ لصعوبة اكتمال الشهرين متصلين بالنسبة لي، لصعوبة إعداد الطعام إلى حد ما، ولأن هناك أصدقاء معي، فلا أريد أن يعلموا بما سترني الله به. وأما زوجتي فهي ضعيفة الجسد إلى حد ما، ويمكن ألا تستطيع الصيام لمدة شهرين كاملين. وهل يجوز إطعام ستين مسكينا مباشرة، لهذه الظروف؟ وفقكم الله أفيدوني رجاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت حين جامعت زوجتك في نهار رمضان وقد وصلت قبل الفجر، تجهل الحكم بأن كنت تظن أن ذلك جائز لك، لكون حكم السفر لم ينقطع في اعتقادك، فلا كفارة عليك، وإنما يلزمك قضاء هذا اليوم فحسب، وذلك لأن من جامع جاهلا بالتحريم، فلا تلزمه الكفارة على الراجح، وإنما لزمك القضاء؛ لأن الظاهر من حالك أنك تعلم كون الجماع مفسدا للصوم، ولكنك تجهل كون حكم السفر قد انقطع في حقك، ومن ثم لزمك القضاء كما يقضي المسافر، وأما إن كنت تجهل كون الجماع مفسدا للصوم أصلا، فلا قضاء عليك ولا كفارة، وانظر الفتوى رقم: 125767.
وأما إن كنت عالما بالتحريم، ولكن كنت تجهل وجوب الكفارة فحسب، فهي لازمة لك، وانظر الفتوى رقم: 138631.
وحيث وجبت عليك الكفارة، فما ذكرته ليس عذرا مانعا من الإتيان بها والانتقال إلى الإطعام، فعليك إذا وجبت عليك الكفارة أن تصوم شهرين متتابعين، ولا يجزئك الإطعام إلا إذا عجزت عن الصيام، وانظر الفتوى رقم: 140283.
وأما زوجتك، ففي لزوم الكفارة عليها خلاف، بيناه في الفتوى رقم: 125159.
فعليها أن تتوب إلى الله، كما عليك أنت أيضا أن تتوب إليه سبحانه، وعليها أن تقضي هذا اليوم، وإن كفرت احتياطا، فهو أحسن. وإذا عجزت عن الصيام، فإنها تطعم ستين مسكينا حيث أرادت الإتيان بالكفارة.
والله أعلم.