عنوان الفتوى : الحكمة من التصريح باسم مريم في القرآن دون غيرها من النساء
أشكر تعاونكم معنا وأجركم الله إن شاء الله، سؤالي هو لماذا لم يرد في القرآن الكريم أي من أسماء سيداتنا وأمهاتنا إلا مريم عليها السلام، فلم يرد اسم خديجة أو آمنه أو فاطمة وحتى سيدتنا آسيا بنت عمران ولا بلقيس ولقد علمنا أسماءهن مما قرأنا من الكتب حتى اسم حواء لم يرد راجين تعاونكم في إفهامي لهذا الموضوع ولكم جزيل الشكر والتقدير؟ أختكم في الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نص أهل العلم على الحكمة في ذلك، فقال القرطبي: لم يذكر الله عز وجل امرأة وسماها باسمها في كتابه إلا مريم ابنة عمران، فإنه ذكر اسمها في نحو من ثلاثين موضعاً، لحكمة ذكرها بعض الأشياخ، فإن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في الملأ، ولا يبتذلون أسماءهن، بل يكنون عن الزوجة بالعرس والأهل والعيال ونحو ذلك، فإن ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا أسماءهن عن الذكر والتصريح بها، فلما قالت النصارى في مريم ما قالت وفي ابنها، صرح الله باسمها، ولم يُكنِّ عنها بالأموَّة والعبودية التي هي صفة لها، وأجرى الكلام على عادة العرب في ذكر إمائها.
وذكر الزركشي نحو ذلك، وزاد في البرهان في علوم القرآن: ومع هذا فإن عيسى لا أب له، واعتقاد هذا واجب، فإذا تكرر ذكره منسوباً إلى الأم استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفي الأب عنه، وتنزيه الأم الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله.
وممن ذكر نحو كلام القرطبي ابن التلمساني في شرح الشفاء للخفاجي، والسهيلي فيما نقله عنه السيوطي في الإتقان في علوم القرآن، وابن عاشور في التحرير والتنوير.
والله أعلم.