عنوان الفتوى : حرمة تناول الحشيشة
أنا والدي ووالدتي متزوجان منذ 36 سنة، وبقيت له سنة ويكون في التقاعد أي 60 سنة وهو حنين ولكنه يعاملنا معاملة سيئة لا ندري سببها، فأمي عانت معه الكثير ولاسيما في موضوع المال حيث يخفي مرتبه، علما أن زوج أختي يشتغل معه في نفس الشركة ونعرف كم من المفروض أن يكون مرتب أبي، ولكننا لا نجد منه إلا شيئا بسيطا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن والدك – هداه الله وغفر له – خالف الشرع وحاد عن الصراط السوي في هذه الأمور:
أولا: معاملته السيئة لأمكم، وذلك لأن الله سبحانه أمر الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف حتى ولو كان يكرهها، قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
ثانيا: إن كان راتبه كبيرا ويبخل عليكم به، ولا يعطيكم ما يكفيكم، فهذا من الظلم والعدوان، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
ثالثا: تناوله للحشيشة فهذا من الكبائر وفاعله فاسق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: هذه الحشيشة الصلبة حرام سواء سكر منها أو لم يسكر. والسكر منها حرام باتفاق المسلمين.
وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: ولا يباح أكل الحشيشة المسكرة.
والواجب عليك – أيتها السائلة – تجاه هذه المخالفات أن تذكريه بحق الله عليه، وأن تخوفيه بأسه وشديد عقابه وأليم عذابه, واحرصي كل الحرص على التلطف واللين معه, فحق الوالد عظيم حتى وإن كان عاصيا.
فإن تذكر ورجع فبها ونعمت، وإلا فيمكنك الاستعانة بأهل العلم والخير في بلدكم فتخبريهم بذلك، إن لم يترتب على ذلك مفسدة، أما إن كان ذلك سيفتح عليك بابا للمفاسد كغضب الوالد وسخطه فاكتفي بالتذكير والدعاء له لعل الله أن يصلح له الحال والبال.
أما بالنسبة لأمر الفراش ومجامعة زوجته فهذا حق كفله له الشرع ولم يحدده بوقت ولا سن معين، بل هذا حقه في كل وقت ما لم يوجد مانع شرعي كصيام الفريضة والإحرام في الحج أو العمرة والاعتكاف والحيض، ونحو ذلك، فلا يحق لأمك أن تمتنع منه، فإن فعلت فهي آثمة عاصية لربها، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها.
وأما بالنسبة لحديثه عن الزواج بامرأة ثانية فلا ندري لماذا كل هذا الغضب والخوف من إقدامه على هذا الأمر! وهذا أمر قد أباحه له ربه،قال سبحانه: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ{النساء:3}، فمن ذا الذي يملك أن يحرم ما أباحه الله، بل إن من يجد في نفسه حرجا من حكم الله سبحانه عليه أن يراجع أصل إيمانه، وحكم الله في الزواج من أربع هو الحل والإباحة بشرط العدل بينهن والقدرة على القيام بحقوقهن، فلا داعي لمثل هذه التوجسات التي هي من وحي الشيطان وإغواء النفس الأمارة بالسوء.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24171، 1994، 68777، 1660.
والله أعلم.