عنوان الفتوى : الاستعانة بالجن.. رؤية شرعية
لماذا ذكر الجن في القرآن ؟ ولماذا هناك سورة كاملة عنه ؟ وهل بالإمكان الدعاء لله سبحانه وتعالى في أن يسخر للإنسان جنا مسلما لخدمته في أمور الخير طالما ذكر في القرآن الكريم ؟ وهل يعتبر هذا شركا ؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله كل الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإخبار بالجن في كتاب الله تعالى له عدة مقاصد؛ منها: أن نعلم بأن منهم المسلم والكافر، وأنهم خلق من خلق الله تعالى مكلفون مثلنا بالأمر والنهي، وأنهم لا يعلمون الغيب، وأن منهم العدو الحريص على إضلال الإنسان، وأنهم يؤثرون في الإنسان بإذن الله تعالى خيرا وشرا، وأن منهم من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وأن منهم من كان مسخرا ومصفدا عند بعض الأنبياء، وكل هذه الأخبار وغيرها عن الجن فيها عظة وعبرة وفائدة لنا، فليس الإخبار بهم في الكتاب عبثا.
وأما الدعاء بتسخير الجن للإنسان فلا نرى مشروعية هذا الدعاء؛ لأن الجن لا يؤمَن أن يحصل منهم زيغ وإضلال للإنسان فيستعين بهم في محرم أو يوقعوه في سحر وشعوذة ونحو ذلك، لاسيما إذا كان الداعي قليل العلم. والاستعانة بالجن ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه ولا من دأب الصالحين من هذه الأمة، وكم ضل من أناس في هذا الباب، وقد قال الله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ {الأنعام:128} قال بعض المفسرين في معنى استمتاع الجن بالإنس هو ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والكهانة والسحر، وأنهم يظنون أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما يحذرون، كما ذكره القرطبي، فينبغي الحذر من هذا الباب وعدم المخاطرة بالدين. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 65551، والفتوى رقم: 9734.
والله أعلم.