عنوان الفتوى : شبهات حول أفعال الله سبحانه وتعالى
أنا أؤمن بأن الله ظلم الناس بخلقه إياهم ومن ثم محاسبتهم على ذنوبهم فهو أولاً لم يخيرنا في خلقنا بشيء وحتى لو خيرنا في حياة أخرى واخترنا الحياة فهذا بالتأكيد ناجم عن جهلنا بحقيقة الحياة, ومن ثم كيف يخلق فينا الصحيح والخطأ ثم يحاسبنا على ما فعلنا؟ لماذا لا يحاسب الله نفسه على ما يحدث من جرائم تحدث وهو واقف يتفرج مع أنه الوحيد القادر على منع كل الجرائم؟ هل يريد الله أو يحتاج إلى أن يثبت قوته علينا؟ كي يفعل ما يفعل؟ فهل أنا هي التي اختارت أن تعيش؟ هل اخترت قدري؟ هل اخترت الإسلام برضاي؟ لا والله بل أن كل ما في حياتي حدث باختياره لا باختياري ولو كان الخيار لي لكنت قتلت نفسي منذ زمن بعيد واسترحت من الحياتين (الدنيا والآخرة)، الظلم الثاني الذي قام به الله هو ظلم خاص بالنساء فقط وأنا منهن خلق للمرأة عدة مصاعب في جسدها (الحيض والنفاس والحمل والولادة والهرمونات المتقلبه التي تتقلب كل يوم مما يصعب على المرأة أن تثبت على قرار أو حالة مزاجية واحدة بالإضافه للضعف الجسدي)، وجعل جسدها فتنه؟ بالله عليكم أجيبوني: ما ذنبي بما صنعته يد الله بي؟ لماذا أنا فتنة؟ وهل من العدل أن يحكم علي بتقييد حريتي لأضيق الحدود لأني فتنه (أليس الله هو من جعلني هكذا؟ أم أني أنا من صنعت من جسدي فتنة للرجل؟!) ومن ثم إذا تكلمنا عن الفتنه فقط ونسينا من خلق الفتنه وصنعها وتحدثنا عن الفتنه فقط أسألكم أليس الرجل فتنة للمرأة؟ ألم يمر بالتاريخ رجال جميلون اضطروا إلى تغطية وجههم للخوف من أن يفتنوا النساء، إذاً لماذا لم يؤمر الرجل بالحجاب؟ وعدم التعطر أو التزين؟ لماذا فتح الله باب الحرية للرجل وصنع من جسد المرأة قفصا يقيد فيه روحها وكيانها للأبد؟ قاتلا إحساسها بالحرية وحارما إياها من التمتع بحريتها بدعوى الفتنة؟ إن موضوع الفتنه هذا قضى على أحلامي كلها ومنعني أن أتمتع بحريتي حتى اخترت أن أظل في بيتي إلى الأبد لأني لا أريد الحرية الناقصة جداً التي تكرم بها الإسلام وأعطاني إياها؟ لا أريدها!! أما الحرية الكامله والعدل التام التام التام وأما أن أعيش ناقصة عقل ودين إلى الأبد، ومن ظلمه للمرأة في الحياة الآخرة أنه بدلاً من أن يزوجها هنال من حور عين (يخلقهم ذكوراً لنساء الدنيا) اختار أن يزوجنا (هذا في حال نجونا من النار التي أكثر أهلها النساء!!) فإما بأزواجنا في الدنيا أو لا أدري بماذا؟ ومن ثم نحن سنكون في الجنة مجرد زوجات للرجال تماما كما كنا في الدنيا؟ أي لن يتغير حالنا فالرجل أفضل في الدنيا والآخرة فهو الجنس المفضل عند الله وهذا أمر لو يجادلني فيه الكون كله فأنا مؤمنة به لأني أراه وأدركه بعقلي ولست بحاجة لمن يضحك علي ويقول (حكمة الله يا بنتي؟!) إن كانت حكمة الله فإنها لحكمة ظالمة... وإن كانت حكمة الله فهو قادر لو شاء أن يغيرها بأخرى أكثر عدلاً، المرأة في الدنيا لجماع الزوج وفي الآخرة هي كذلك، والرجل يتزوج في الدنيا والآخرة بأكثر من واحدة ويعطيه الله القوة كي يكفيهن بينما المرأة يوم القيامة تجرد من كل المشاعر التي تحافظ بها على كرامتها من شعور بالغيره من الأخريات وتحول إلى دميه ليس لها من الأحاسيس إلا ما يناسب الرجل في الجنة حيث تراها حين ترى زوجها يعانق إحدى الحوريات 40 سنة من مقياس زماننا هذا تراها تضحك وتقول له: يا مسكين أعجبتك هذه فما بالك بي؟ حين تأتي إلي وترى جمالي؟ وذلك لأن المسكينة فقدت كل ذرة من كرامتها وغيرتها على زوجها، لماذا؟ لأن الله جردها من الغيرة والحسد الغل والغيظ كي لا تزعج الرجل في الجنة وتتعس حياته بغيرتها من الحور العين اللاتي لم يخلقن إلا لكي يدخل الرجل قضيبه فيهن الواحدة تلو الأخرى! يالها من جنة (لم تخلق إلا للجنس)، أقول (أتفييه) على هذه الجنة الجنسية التي ملئت بالتمييز العنصري ضد المرأة الغبية التي كانت تعبد الله في الدنيا على أمل الدخول إلى الجنة أنا بريئة مما صنعت بي يا رب, وأنا لو لم أكن خائفة من عقابك يا رب لما سجدت لك سجدة واحدة لأنك لا تستحق, أنا روح خلقتها حرة بروح ثائرة عليك وعلى لعبة الدنيا والآخرة, حتى لو أنكرت يارب فإني أتهمك بأنك أنت المجرم الأول والأخير لكل الجرائم التي حدثت في الكون منذ الأبد وإلى الأبد ستظل المجرم الأكبر ورئيس المجرمين، ألست أنت يارب من تقف متفرجا والقرآن يحرق؟ والرسول الذي تدعي حبه يسب؟ ألم تقف متفرجا وقلبي الأبيض المؤمن بك يتم الاعتداء عليه جنسيا من أقرب الأقارب؟ أين كنت عني في مصائبي؟ أين كنت عن فلان وفلان وفلانة حينما قتل أطفالهم وماتوا جوعا وظلمهم الأخرون؟ أين أنت من كل شيء.. أنت لم تفعل شيئا سوى أنك خلقت لعبة بين الخير والشر وجلست على عرشك مرتاحا تضحك علينا تارة وتغضب علينا تارة ناسيا بأنك المنشئ لكل خير وشر،لم تحاكم نفسك ولم تعاقبها على شيء.. بل برأت نفسك من خطيئة ونزهتها وزكيتها وسميتها بالأسماء الحسنى!! فمن يقتص منك.. من.. من.. من؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول أولا إنه يبدو من خلال ما كتبت في هذه الأسطر أن لديك نوعا من الاضطراب النفسي ومشاكل خاصة ونوعا من السخط دعاك إلى كتابة مثل هذه الألفاظ الكفرية الشنيعة، ولا نقول هذا الكلام استفزازا أو سخرية وإنما بناء على الدلائل الواضحة الموجودة في هذه الرسالة من اضطراب العبارات، وبعثرة الكلام، وإن كانت لديك مشكلة نفسية فينبغي أن تسعي في علاجها بمقابلة أهل الاختصاص من الأطباء النفسيين، ولو أنك عرفت الله تعالى حق معرفته، وقدرته حق قدره، ولهج لسانك بذكره لاطمأن قلبك وكان هذا خير علاج لمثل حالتك... ونجمل جواب ما أوردت من شبهات في النقاط التالية:
النقطة الأولى: أن الله خلق الحياة الدنيا للابتلاء والاختبار لا للجزاء على الأعمال؛ كما قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا. {الملك:2}.
فالله يبتلي عباده بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فمن صدق بالرسل وعمل بما في الكتب كان من أهل الجنة ومن أهل السعادة، ومن كذب كان من أهل الشقاء وأهل النار.
ولو كان كل عاص يعاجل بالعقوبة لما تحقق فيها هذا المعنى، وخلق الله تعالى للإنسان على الصفات التي شاءها هو سبحانه لا على الصفات التي يرغب فيها الإنسان يأتي في سياق الابتلاء والاختبار، كما أنه أكبر دليل على أنه السيد المالك المتصرف في هذا الكون بما يشاء، وأن المخلوق ضعيف ليس له إلا الرضا والتسليم بما شاء له سيده.
وإذا كان الله تعالى هو الخالق فهو الآمر الناهي، وله أن يشرع في حق عباده ما شاء، فيأمر المرأة بستر جسدها ولا يأمر الرجال بذلك، قال تعالى: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {الأعراف:54}، ونحن نؤمن بأنه لا يفعل شيئا إلا عن حكمة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، وأنكرها من أنكرها، فذلك لا يضر الله شيئا.
النقطة الثانية: أن الإسلام بمثل هذه التشريعات لم يظلم المرأة ولم يقيد حريتها، فهو من جهة أعطاها كثيراً من الحقوق كحق التصرف في مالها....، ومن جهة أخرى شرع في حقها من التكاليف ما يتناسب مع خلقتها، وهذا عين العدل والإنصاف، ولو أنه ساوى بينها وبين الرجل في التكاليف مع اختلاف الطبائع والصفات لكان -وحاشاه- ظالما لها أشد الظلم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 16441، والفتوى رقم: 36616.
النقطة الثالثة: أن الإنسان له إرادة واختيار، وهذا أمر واقع لا ينكره إلا مكابر، ومن فمك ندينك، فإنك قد قلت في ثنايا هذه السطور: (اخترت أن أظل في بيتي... لا أريد الحرية الناقصة....) هذا يعني أنك تعترفين أن لك حرية وإرادة، وبناء على هذه الحرية والاختيار يكون الحساب يوم القيامة، فهو سبحانه إنما يحاسب عبادة على أعمالهم التي عملوها لا بمقتضى علمه السابق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 62860، والفتوى رقم: 75647.
النقطة الرابعة: لا ندري من أين حكمت بكون المرأة في الجنة خالية من الأحاسيس والمشاعر وأنها في الجنة مجرد آلة ليستمتع بها الرجل، فما من أحد في الجنة إلا وهو يتمتع بنعيمها، وله فيها ما تشتهيه نفسه، ومن الذي قال إنه لا يمكن أن تكون المرأة في سعادة إلا إذا خلق لها ذكور في الجنة كما خلق للرجال الحور العين. ثم إنه متى كانت الغيرة والحسد والغل والغيظ مصدراً للسعادة حتى تطلب هذه الأمور لنساء الجنة، بل إن من تمام نعيمها نزع مثل هذه الأمور عن قلوب أهل الجنة، قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ {الأعراف: 43}، وانظري لذلك الفتوى رقم: 62860، والفتوى رقم: 75647.
النقطة الخامسة: أن الله تعالى قادر على الانتقام ممن يكفر به أو ينال من قرآنه أو يسب رسوله، أو يعتدي على بعض خلقه، وسننه في ذلك ماضية في الزمان الغابر وفي الوقت الحاضر، ولكنه يفعل ذلك متى شاء هو وعلى مقتضى حكمته، وليس لأحد من خلقه التحكم في أمره والإملاء عليه بأن يفعل أو لا يفعل أو لماذا لا يفعل، فضلا عن أن يزعم أن الواجب على الله تعالى أن يعاقب نفسه، فإن في هذا المنتهى من الكفر وسوء الأدب....
وفي الختام فإننا ندعوك إلى التوبة النصوح من هذا الكفر الصريح، ولو أنك بقيت في هذه الحياة حتى قرأت هذه الأسطر ولم يعاجلك الله بعقوبته فاحمدي الله على ذلك وبادري إلى التوبة، واعلمي أن الله تعالى لن يضره كفرك وأنك إنما تضرين بذلك نفسك، فهذه نصيحة مشفق متودد نرجو أن تجد منك أذنا صاغية.
والله أعلم.