عنوان الفتوى : خيار النقد بين الجواز والمنع
بداية أخي أراد شراء حقي أنا وأختي في البيت واختلفنا كثيرا وكلما أردنا بيع نصيبنا لطرف خارجي أخبرنا بأنه سيفعل ويفعل حتى ينهي ويتلف هذه البيعة بنا وبالشاري وبكينا كثيرا على هذا الظلم وأخيرا غُلبنا على أمرنا بعد أن كلمنا بعض الناس تكلموا حتى لا تحدث مشاكل وهو أيضاً أخوكم أحسن وأولى من الغريب ووافقنا بعد شق الأنفس وأخذت جزءا كبيرا من المال وبقي جزء ولم تأخذ أختي أي مال على أن يدفع لها في خلال سنة وتمت البيعة كتابة عقود وشهد الشهود ولكنه نص قولا وليس كتابة على الآتي بالنص يا بنتي لو ما أخذتوش فلوسكم اعتبروا العقد ملغى وهذا المعنى أن يأخذوا المال في وقته ومات بعد هذا الكلام بشهرين ولم يدفع شيئا للعلم أن له ورثة، فهل يجوز أن أقطع هذه العقود اعتبارا أن البيعة لم تتم بالكامل وألغي العقد، وللعلم ورثته ليس في استطاعتهم دفع هذا المبلغ.....
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية يجب أن تعلم أنه إذا كان هذا البيت مشاعا بينكم غير مقسوم بحيث يتميز نصيب كل واحد من الإخوة فانه من حق أخيكم يرحمه الله أن يطالب بالبيع له دون غيره، فهو شرعا له حق الشفعة، وليس في هذا ظلم ما دام لا يطلب الشراء بأقل من الثمن الأصلي، ولا يطلب تأجيل الدفع مع وجود من يشتري نقدا، فان كان شيء من ذلك سقط حقه في الشفعة.
فقد اتفق أهل العلم على أن حق الشفعة يثبت للشريك في العقارات كالأرض والدور ونحوها قبل قسمتها، لما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة وحائط لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، وإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به.
أما بعد القسمة فمذهب الجمهور أن الشفعة لا تجب، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 9039، 20964، 109464.
وأما ما جرى من بيع بينكم، وقول أخيك ما قال فهو من قبيل بيع الخيار وهو خيار النقد، وقد اختلف الفقهاء في جواز هذا الشرط فيرى جوازه الحنفية والحنابلة ؛ لأنه ورد الأخذ به عن عمر رضي الله عنه، وقضى به شريح، ولحاجة المشتري إلى التروي في قدرته على الأداء، وحاجة البائع إلى التوثيق لنفسه إن عجز المشتري عن دفع الثمن أو ماطل به.
والصحيح عند الشافعية أن العقد باطل، لأن هذا الشرط ليس بشرط خيار، بل هو شرط مفسد للبيع لأنه شرط في العقد شرطا مطلقا، فأشبه ما لو باع بشرط أنه إن قدم زيد فلا بيع بينهما، وبه قال زفر من الحنفية. وعند المالكية في المسألة أقوال..أوصلها بعضهم إلى سبعة.
جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: مسألة: وان قال بعتك على ان تنقدني الثمن إلى ثلاث أو مدة معلومة والا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح نص عليه، وهذا قول أبي حنيفة والثوري وإسحاق ومحمد بن الحسن، وقال به أبو ثور إذا كان إلى ثلاث، وحكي مثل قوله عن ابن عمر، وقال مالك يجوز في اليومين والثلاثة ونحوها وان كان عشرين ليلة فسخ البيع، وقال الشافعي وزفر البيع فاسد لأنه علق فسخ البيع على غرر فلم يصح كما لو علقه بقدوم زيد.
ولنا أنه يروى عن عمر ولأنه علق رفع العقد بأمر يحدث في مدة الخيار فجاز كما لو شرط الخيار ولأنه بيع فجاز أن ينفسخ بتأخير القبض كالصرف ولأن هذا بمعنى شرط الخيار لأنه كما يحتاج إلى التروي في المبيع - هل يوافقه أولا - يحتاج إلى التروي في الثمن هل يصير منقودا أولا فهما شبيهان في المعنى وإن تغايرا في الصورة إلا أنه في الخيار يحتاج إلى الفسخ وهذا ينفسخ إذا لم ينقد في المدة المذكورة لأنه جعله كذلك.اهـ
والذي يظهر لنا أن القول الأول هو القول الراجح لقوة دليله مع عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم، ولأن الأصل في الشروط الحل.
وعليه فان العقد بينكم مفسوخ، ويجوز لك أن تقطع هذه العقود بل لا يبعد القول بوجوب قطعها لئلا يلزم أخاكم ما لا يلزمه من حق يترتب على هذا البيع، وبقطع هذه العقود تبرأ ذمة أخيكم الميت من الدين وفي ذلك خير كبير له.
والله أعلم.