عنوان الفتوى : الحكمة في الأمر بالوضوء بعد أكل لحم الإبل
ما هي العلة أو التفسير العلمي في أن لحم الإبل ينقض الوضوء، لأن عندي طلبة يسألون لماذا لحم الإبل ينقض الوضوء، ولا أجد إجابة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على كل مسلم أن يسلم لما قضاه الله عز وجل وحكم به، ولو لم يهتد إلى الحكمة من شرعيته، قال الله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [القصص:68]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36].
ولكن تلمس الحكمة من شرعية أحكام الله عز وجل لا حرج فيه، لأنه يزيد في الإيمان، وقد تلمس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الحكمة في كون أكل لحم الإبل ينقض الوضوء، وغيره من اللحوم لا ينقض، فقال: ثم إن الإمام أحمد وغيره من علماء الحديث زادوا في متابعة السنة على غيرهم، بأن أمروا بما أمر الله به ورسوله، مما يزيل ضرر بعض المباحات، مثل لحوم الإبل، فإنها حلال بالكتاب، والسنة، والإجماع، ولكن فيها من القوة الشيطانية ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إنها جن خلقت من جن. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود: الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. فأمر بالتوضؤ من الأمر العارض من الشيطان، فأكل لحمها يورث قوة شيطانية، تزول بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحمها، كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه، فمن توضأ من لحمها اندفع عنه ما يصيب المدمنين لأكلها من غير وضوء كالأعراب، من الحقد، وقسوة القلب، التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: إن الغلظة وقسوة القلوب في الفدادين، أصحاب الإبل، والسكينة في أهل الغنم. اهـ.
والله أعلم.