عنوان الفتوى : هل يقال :رضي الله عنه لغير الصحابة
هل يصح إتباع ذكر غير الصحابي بقولنا "رضي الله عنه" وإن كان هذا دعاء أريد فتيا غير واحد من الأئمة المتقدمين إن أمكن و بارك الله فيكم وأعانكم على خدمة دينه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالترضي عن الصحابة المقصود به هو الطلب من الله تعالى أن يرضى عنهم، فقولك ( رضي الله عنه) جملة خبرية تفيد الدعاء، كقولنا: صلى الله على محمد فهو في معنى اللهم صل على محمد، وعليه فيجوز الدعاء وطلب الرضى من الله لكل مسلم؛ وإن لم يكن صحابياً، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء لقول الله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة:7،8].
وجرى عمل جماهير العلماء عليه، فيترضون على سلف هذه الأمة من غير الصحابة، ومن مشايخهم وأهل الخير والصلاح في كتبهم ومخاطبتهم.
قال النووي في المجموع: ( يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمة الله عليه، أو رحمه الله ونحو ذلك. وأما ما قاله بعض العلماء: إن قول رضي الله عنه مخصوص بالصحابة ويقال في غيرهم رحمه الله فقط، فليس كما قال ولا يوافق عليه، بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه، ودلائله أكثر من أن تحصر).
وقال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: ( ما قاله جمع من العلماء أنه يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا تختص الترضية بالصحابة والترحم بغيرهم خلافاً لبعضهم) انتهى.
أما إذا كان قول الشخص: ( رضي الله عن فلان) من باب الإخبار وليس من باب الدعاء فلا يجوز إطلاقها إلا على الصحابة، لأنهم هم الذين أخبرنا الله أنه سبحانه رضي عنهم.
والله أعلم.