عنوان الفتوى : حكم مسح المرأة على خمارها أكثر من يوم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أبانا الفاضل. بالنسبة للمسح على الخمار أو العمامة فأنا أسرح شعري على طريقة معينة مربوطا حتى يصبح مهذبا وهذه الطريقة تستلزم أن يبقى الشعر لمدة يومين ملفوفا تحت منديل على شكل عمامة حتى يصبح مهذبا بالشكل الذي أريده فسؤالي هو حين أذهب للوضوء أمسح فقط على العمامة. فهل هدا جائز؟ وما هي الصورة الصحيحة للمسح على الخمار؟ وما هو حدود هذا العمل.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما المسح على الخمار بالنسبة للمرأة وحكمه وصورته وشروطه فقد تقدم في الفتوى رقم: 68195، ورقم 20693، وأن مذهب جمهور أهل العلم على عدم جواز مسح المرأة على الخمار في الوضوء لغير ضرورة، وأن المعتمد عند الحنابلة جواز ذلك مطلقاً، وأن هذا الجواز مشروط بكون الخمار المذكور مما يشق نزعه بحيث يكون مداراً تحت الحلق لا إن كان وقاية للرأس ويسهل نزعه والمسح على الرأس مباشرة.

وأما المسح على ما ذكرت مما يشق نزعه وهو مع ذلك مما يحتاج إليه فالذي يظهر لنا جوازه ؛ تخريجا على قول الحنابلة وقياسا على ما ورد بشان المسح على العمامة للرجل وهو الذي يتماشى مع روح الشريعة وما جاءت به من رفع الحرج والتخفيف في فرض مسح الرأس خصوصا.

ولذا فان شيخ الإسلام أجاز المسح على كل ملبوس على القدم ولو كان عبارة عن لفائف، وكذلك المسح على خمر النساء وعلى القلانس ونحوها ورأى أن كل ذلك داخل في الرخصة التي ورد بها الشرع وأنه مذهب فقهاء المحدثين.

جاء في مجموع فتاوى ابن تيمية:

 فَإِنَّ مَذْهَبَ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ. اسْتَعْمَلُوا فِيهَا مِنْ السُّنَنِ مَا لَا يُوجَدُ لِغَيْرِهِمْ وَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ اللِّبَاسِ وَالْحَوَائِلِ. فَقَدْ صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَد " كِتَابَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ " وَذَكَرَ فِيهِ مِنْ النُّصُوصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ بَلْ عَلَى خُمُرِ النِّسَاءِ - كَمَا كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُهَا تَفْعَلُهُ. وَعَلَى الْقَلَانِسِ - كَمَا كَانَ أَبُو مُوسَى وَأَنَسٌ يَفْعَلَانِهِ: مَا إذَا تَأَمَّلَهُ الْعَالِمُ عَلِمَ فَضْلَ عِلْمِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى غَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي ذَلِكَ اقْتِضَاءً ظَاهِرًا....إلى أن قال: وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الرُّخْصَةِ الَّتِي تُشْبِهُ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ وَتُوَافِقُ الْآثَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَأَوَّلَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ تَأْوِيلًا - مِثْلُ كَوْنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ مَعَ بَعْضِ الرَّأْسِ هُوَ الْمُجْزِئَ وَنَحْوِ ذَلِكَ - لَمْ يَقِفْ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَخْبَارِ وَإِلَّا فَمَنْ وَقَفَ عَلَى مَجْمُوعِهَا أَفَادَتْهُ عِلْمًا يَقِينًا بِخِلَافِ ذَلِكَ.اهـ

وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا إلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

قال الشوكاني: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الرَّأْسَ يُعْصَبُ بِهَا، فَكُلُّ مَا عَصَبْتَ بِهِ رَأْسَكَ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ مِنْدِيلٍ أَوْ عِصَابَةٍ فَهُوَ عِصَابَةٌ. اهـ.

ويبقى النظر هل يشترط في ذلك التقيد بشروط المسح على الخفين أو لا ؟

قال الشوكاني: وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَحْتَاجُ الْمَاسِحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إلَى لُبْسِهَا عَلَى طَهَارَةٍ أَوْ لَا يَحْتَاجُ ؟ فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يُمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ إلَّا مَنْ لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الْبَاقُونَ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي التَّوْقِيتِ، فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَيْضًا إنَّ وَقْتَهُ كَوَقْتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَالْبَاقُونَ لَمْ يُوَقِّتُوا.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ وَلَمْ يُوَقِّتْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ .اهـ

وقال أيضا كما في المحلى: فَلَوْ كَانَ تَحْتَ مَا لَبِسَ عَلَى الرَّأْسِ خِضَابٌ أَوْ دَوَاءٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا كَمَا قُلْنَا وَلا فَرْقَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدَ لِبَاسَ ذَلِكَ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ جَازَ الْمَسْحُ أَيْضًا..اهـ.

وعلى هذا القول فيجوز لك المسح على اللفافة على رأسك بغير تقيد بيوم وليلة ولو كنت وضعتها على غير وضوء، لكن الأحوط مراعاة وضعها على طهارة أي بعد وضوء وايضا مراعاة اليوم والليلة ما دمت مقيمة.

وأما صورة أو كيفية المسح عليها أو على الخمار فبأن يمسح أكثر ذلك الساتر من أعلى كهيئة مسح الرأس في الوضوء وكما يمسح الرجل على أكثر عمامته.

قال في الروض المربع: ويمسح وجوبا أكثر العمامة ويختص ذلك بدوائرها ويمسح أكثر ظاهر قدم الخف والجرموق والجورب. اهـ

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 68195.

والله أعلم.