عنوان الفتوى : بيع الوقف لأجل المصلحة.. نظرة شرعية
لدي عقار وقفته لله لكن أخشى أن يقع التصرف فيه بعد وفاتي .فهل يجوز لي بيعه و التبرع بثمنه لبناء مسجد مثلا ؟ علما بأن في بلدي ليس هناك مؤسسة تعنى بالأوقاف.
خلاصة الفتوى: الأصل أن الوقف لا يجوز بيعه، ولكنه إذا خيف عليه من استيلاء الظلام ولم يمكن تفادي ذلك إلا ببيعه واستبداله بما يؤمن الاعتداء عليه فلا حرج في ذلك.
فالأصل أن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وقد دل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه، وفيه: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع، ولا يورث ولا يوهب... الحديث، وهو في الصحيحين.
ويستثنى من ذلك ما إذا دعت الضرورة لبيع الوقف أو استبداله لعدم صلاحيته لما وقف من أجله، أو للخوف عليه، أو نحو ذلك من المصالح المعتبرة التي تستدعي بيعه أو استبداله.
فحينئذ يجوز لناظره بيعه من أجل المصلحة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للتمّارين، وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى، فاعتبر المصلحة بجنس المسجد وإن كان في قرية غير القرية الأولى إذا كان جنس المساجد مشتركة بين المسلمين.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إن أمكن استغلال العقار في الوجه الذي حبس عليه سواء كان ذلك بتسليمه إلى الجهة الموقوف عليها أو جعله تحت يد أمين فإن ذلك هو المتعين فيه، ولا يجوز بيعه إلا عند تعذر كل ذلك.
وعليه، فإذا أمكن إبقاء العقار المذكور واستغلاله على الوجه الذي حُبِّس عليه فذلك هو الواجب. وإن تعطلت منفعته أو خشي عليه من أن يستولي عليه ظالم، ولم يمكن تفادي ذلك إلا ببيعه فلا نرى -حينئذ- حرجا في بيعه وجعل ثمنه في مسجد.
والله أعلم.