عنوان الفتوى : أدلة تفضيل السنن المؤكدة على النوافل المطلقة
هل للسنن المؤكدة أجر زائد عن السنن الأخرى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر- والله أعلم- هو أن السنن المؤكدة أعظم أجراً من غيرها من النوافل ، يدل على ذلك أمور:
الأول: مواظبته صلى الله عليه وسلم على فعلها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عيه وسلم يصلي في بيته قبل الظهر أربعاً ، ثم يخرج فيصلي بالناس ، ثم يدخل فيصلي ركعتين ، ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين" رواه أحمد وأبو داود.
ولفظ "كان" يدل على المداومة والاستمرار ، وما كان صلى الله عليه وسلم يداوم إلا على أفضل الأعمال ، وأحبها إلى الله ، والظاهر أن العبادة كلما كانت أفضل كانت أكثر أجراً.
الثاني: ترغيبه فيها، فعن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة" رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله امرأ صلى أربعاً قبل العصر" رواه أحمد وأبو داود.
الثالث: أمره بها، كأمره بالوتر ، وبركعتي الفجر ، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر" رواه أحمد ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه.
وقال في سنة الفجر:" لا تدعوهما ولو طردتكم الخيل" رواه أبو داود. فكل من أمره بها ، ومواظبته عليها ، وترغيبه فيها ، يدل بمفرده على عظم أجرها ، وجزيل ثوابها ، وأنها أفضل من سائر النوافل ، وفي كلٍِ خير.
الأمر الرابع: أن السنن المذكورة تشترك مع النوافل المطلقة فيما أعد لأهلها من الأجر والثواب ، كقوله صلى الله عليه وسلم: "عليك بكثرة السجود ، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة ، وحط بها عنك خطيئة" رواه مسلم، فهذا عام في كل صلاة ، وتختص المذكورة عن غيرها بما ورد فيها هي خاصة. مثل ما جاء في حديث أم حبيبة المتقدم ، وحديث أبي داود في شأن الوتر ، الأمر الذي يدل على أن السنة المؤكدة أكثر أجراً وثواباً من غيرها.
والله أعلم.