عنوان الفتوى : أحوال الاقتداء بالإمام الذي يلحن في الفاتحة وغيرها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

شكرا على الموقع المفيد ، أدام الله فضلكم، أرجو الإجابة على

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

خلاصة الفتوى:

لا يطالب المأموم بالبحث عن قراءة الإمام في السر لأن ذلك مما يعسر، بل له أن يصلي مع جماعة المسلمين حيثما وجدها، فإن تبين له أن الإمام يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة، هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال الحاء عينا من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته لأنه لحن في غير الفاتحة، ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم، وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم تعلم أن الشخص الذي اقتديت به يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى فصلاتك صحيحة لأن المسلم له أن يصلي مع المسلمين حيثما كانوا، ولا يطالب بالبحث عن قراءة الإمام في السر، لأن ذلك مما يعسر.

 قال ابن قدامة في المغني: إن صلى القارئ خلف من لا يعلم حاله في صلاة الإسرار صحت صلاته ; لأن الظاهر أنه لا يتقدم إلا من يحسن القراءة، ولم يتخرم الظاهر. انتهى.

 فإن سمع قراءته وعلم أنه يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى مثل من يبدل حرفا بحرف نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها، سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة، هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال العين همزة من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته.

 قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة; لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا، والأرت الذي يدغم حرفا في حرف، أو يلحن لحنا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتم به قارئ. ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله ; لأنهما أميان، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر، كاللذين لا يحسنان شيئا. وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل، لم تصح صلاته، ولا صلاة من يأتم به.

إلى أن قال: تكره إمامة اللحان، الذي لا يحيل المعنى، نص عليه أحمد. وتصح صلاته بمن لا يلحن ; لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما. انتهى.

ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم. وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.

 قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير في الفقه المالكي: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامداً بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق، وإن كان ساهيا صحت باتفاق، وإن كان عاجزاً طبعاً لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن، وإن كان جاهلاً يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا؟ وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، وإن أرجح الأقوال فيه صحة صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها. انتهى.

هذا إضافة إلى أن المتأخرين من الحنفية  يرون صحة الاقتداء بمن يبدل حرفا من الفاتحة نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة.

 وراجع الفتوى رقم: 60642.

والله أعلم