عنوان الفتوى : مسألة حول عدم إعطاء أبي بكر شيئا من فدك لفاطمة الزهراء
لماذا لم يعط سيدنا أبو بكر رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها نصيبًا من أرض فدك على سبيل الترضية وكذلك حفظًا لمكانتها وليس على سبيل الإرث كما هو ثابت، مع العلم التام بأن الحق في هذه المسألة مع الصديق جمعنا الله وإياه في مستقر رحمته؟
خلاصة الفتوى:
لعل أبا بكر رضي الله عنه لم يعطها على سبيل الترضية لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين كيفية التصرف في ما خلفه، ولأنه لو أعطاها على سبيل الترضية لطالب كل الورثة بأن يعطوا على سبيل الترضية، والعبرة بالحقائق لا بالمسميات، وقد رضيت فاطمة قبل وفاتها عن أبي بكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا نورث ما تركنا صدقة... رواه البخاري وغيره. وهذا الحديث ثابت من حديث أبي بكر وعمر وأبي هريرة وغيرهم، بل قد أقر علي والعباس وعائشة رضي الله عنهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، ومن المعلوم أن العباس وعائشة من الورثة لو كان هناك إرث، فثبت بهذا أن أبا بكر رضي الله عنه كان محقاً في عدم إعطاء فاطمة رضي الله عنها وبقية آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من الميراث.
وأما لماذا لم يعطها رضي الله عنها على سبيل الترضية فمن المعلوم أن العبرة بالحقائق لا بالمسميات، فلو أعطاها من فدك فقد ورثها، ولو فعل ذلك لطالب كل الورثة بأن يعطوا على سبيل الترضية، ثم إنه من المعلوم أن الإنسان لا يجوز له أن يتصرف فيما لا يملك بهبة أو عطية بغير إذن المالك، وأبو بكر لا يملك فدك حتى يتصرف فيها بهبة ونحوها، والنبي صلى الله عليه وسلم بين كيفية التصرف بما خلفه فقال: ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة. ولا يخالف أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كما لم يخالفه قبل وفاته، وقد عمل فيها أبو بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أيضاً: ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق... رواه أحمد والترمذي.
وقد كان أبو بكر رضي الله عنه حريصاً على إرضاء فاطمة رضي الله عنها فقد روى البيهقي بسند صحيح عن الشعبي قال: لما مرضت فاطمة رضي الله عنها أتاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فاستأذن عليها فقال علي رضي الله عنه يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك فقالت أتحب أن آذن له، قال: نعم، فأذنت له فدخل عليها يترضاها، وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت ثم ترضاها حتى رضيت. قال البيهقي: هذا مرسل حسن بإسناد صحيح.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن هذه القصة ورضى فاطمة عن أبي بكر: وأخلق بالأمر أن يكون كذلك لما علم من وفور عقلها ودينها عليها السلام.... انتهى.
والله أعلم.