عنوان الفتوى : الصلاة في المساجد المبنية على القبور والمسجد النبوي
ما حكم الشرع على خطيب مسجد يؤكد شرعية وضع القبور في المساجد، كنت قد حضرت صلاة الجمعة الماضية في المسجد الكبير بمنطقتنا وإذا بخطيب المسجد يبرر ويحث المسلمين على الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور ويسند أقواله بحجة أن من يحرم الصلاة في المساجد التي تحوي قبورا عليه أن يحرم الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف ذلك والصلاة فيه تعدل ألف صلاة، فأرجو منكم أن تبينوا لي وللمسلمين أجمع لكي لا نقع في البدع، وأن تبينوا صلاحية حضور صلاة الجمعة مع هذا الخطيب، وهل الصلاة خلفه صحيحة؟ وفقكم الله إلى ما فيه خير الأمة الإسلامية.
خلاصة الفتوى:
الصلاة في المساجد المبنية على القبور منهي عنها وملعون فاعلها ولا تصح، والمسجد النبوي الشريف لم يبن على القبور، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد وإنما دفن في حجرة عائشة، وتصح الصلاة خلف المبتدع الذي لم تصل بدعته إلى حد الكفر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة في الأماكن المبنية على القبور نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصرح عبارة دالة على النهي حين قال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك. والحديث رواه مسلم واللفظ له والنسائي في السنن الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم.
بل لعن صلى الله عليه وسلم -وهو في سكرات الموت اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ففي البخاري ومسلم من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصار اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا. فهل هناك أصرح من هذه الألفاظ النبوية الشريفة الصحيحة الصريحة في الدلالة على النهي والمنع والتحريم، وكل عاقل منصف لا يملك إلا أن يسلم بدلالة هذه الألفاظ على المنع والتحريم وأنها صريحة في النهي عن اتخاذ القبور -بما فيها قبور الأنبياء لأنها منصوص عليها- أماكن للصلاة.
وأما ما ذكروه من أن لازم هذا القول تحريم الصلاة في المسجد النبوي الشريف لأن فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فهذا قول غير لازم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد وإنما دفن في بيت عائشة رضي الله عنها وكان البيت وقتها خارج المسجد، ثم أدخلت الحجرة الشريفة في المسجد في زمن الوليد بن عبد الملك، ولما أدخلت الحجرة سد بابها الذي يلي المسجد حتى لا يتخذ قبره صلى الله عليه وسلم وثناً وعيداً، ففضيلة الصلاة في المسجد النبوي الشريف باقية، وانظر تفصيل الرد على هذه الشبهة في كتاب: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للعلامة الألباني رحمه الله تعالى في الفصل الرابع من الكتاب والفصل السادس فقد أجاد رحمه الله تعالى وأفاد، وكتابه هذا من أفضل ما كتب في هذا الموضوع، ثم انظر بعد ذلك الفتوى رقم: 1583، والفتوى رقم: 37685 وكذا في الفتوى رقم: 64740 وفيها تفصيل حول الصلاة خلف من ابتلي ببدعة.
هذا وننصحك وسائر المسلمين في بلدك بعدم الاستماع لهذا النوع من الدعوة إلى الضلال، وابحثوا عن خطيب آخر غير هذا الخطيب، وإن أمكنكم عزله عن الخطبة دون إحداث مفسدة أكبر فاسعوا في ذلك عند الجهات المختصة.
والله أعلم.