عنوان الفتوى : الرد على الاحتجاج بوجود قبره صلى الله عليه وسلم بالمسجد
الصلاة لا تصح في المسجد الذي فيه قبر كيف يكون قبر النبي داخل المسجد ثم يصلى فيه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، وبيان تحريم بناء المساجد على القبور ودفن الموتى في المساجد في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 5752. كما تقدم الرد على الاحتجاج بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد في الفتوى رقم: 30099، والفتوى رقم: 1583. وننبه هنا إلى أن من حِكَم النهي عن البناء على القبور البعد عن اتباع أهل الكتاب في اتخاذهم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، والبعد عن الغلو في الصالحين الذي قد يؤدي إلى عبادتهم كما حصل لقوم نوح، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اتخاذ قبره عيداً فقال: لا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم رواه أبو داود وصححه الألباني. وقد دعا الله أن لا يجعل قبره وثنا يعبد، فقال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد. رواه مالك وأبو يعلى، وصححه الألباني. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن الله تعالى استجاب دعاءه، فعصمه من تمكن المصلين من استقبال قبره أثناء الصلاة، قال ابن القيم في قصيدته النونية: ولقد نها أن نصير قبره === عيدا حذار الشرك بالرحمن ودعا بأن لا يجعل القبر الذي === قد ضمه وثنامن الأوثان فأجاب رب العالمين دعاءه === فأحاطه بثلاثة الجدران حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه === في عزة وحماية وصيان قال الشارح، قال القرطبي: ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأعلوا حيطان تربته وسدوا المداخل إليها وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذ كان مستقبل المصلين فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره. والله أعلم.