عنوان الفتوى : لا يبنى المسجد على قبر ولا يدفن ميت في المسجد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم الدين في المساجد التي تبنى وبها قبر لأحد الأولياء أو الأئمة، وما حكم الصلاة فيها،مع العلم بأن المعتقدين بعدم حرمتها يبررون ذلك بأن مقام سيدنا إبراهيم يوجد داخل الحرم الشريف وكذلك مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وبه قبر الرسول ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه يحرم بناء المساجد على القبور ولا تصح الصلاة فيها، كما يحرم دفن الميت بالمسجد، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث نهى فيها عن ذلك، بل لعن فاعله، وقد وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 1530.
أما ما يردده من يفعل هذا من كون قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد فيرد عليه بأنه وصاحبيه لم يدفنوا في المسجد، وإنما دفنوا في بيت عائشة، ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أُدخلت الحجرة في المسجد في آخر القرن الأول، ولا يعتبر عمله هنا في حكم الدفن في المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لم ينقلوا إلى أرض المسجد، وإنما أُدخلت الحجرة التي هم بها في المسجد لأجل التوسعة، فلا يكون في ذلك حجة لأحد على جواز البناء على القبور أو اتخاذ المساجد عليها أو الدفن فيها لما ورد من الأحاديث الصحيحة المانعة من ذلك.
وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على هذه الشبهة في المجلد السابع والعشرين ص: 137، فقال رحمه الله تعالى:
بل المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين لا تجوز الصلاة فيها، وبناؤها محرم كما قد نص غير واحد من الأئمة لما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والسنن والمسانيد أنه قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. وقال في مرض موته: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد - يحذر ما فعلوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره. ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا.
وكانت حجرة النبي صلى الله عليه وسلم خارجة عن مسجده، فلما كان في إمرة الوليد بن عبد الملك كتب إلى عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة النبوية أن يزيد في المسجد، فاشترى حُجَرِ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت شرقي المسجد وقبلته فزادها في المسجد فدخلت الحجرة إذ ذاك في المسجد وبنوها مسنمة عن سمت القبلة لئلا يصلي أحد إليها.
وكذلك قبر إبراهيم الخليل لما فتح المسلمون البلاد كان عليه السور السليماني ولا يدخل إليه أحد ولا يصلي أحد عنده، بل كان مصلى المسلمين بقرية الخليل هناك، وكان الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى أن نقب ذلك السور ثم جعل فيه باب، ويقال: إن النصارى هم نقبوه وجعلوه كنيسة ثم لما أخذ المسلمون منهم البلاد جعل ذلك مسجداً، ولهذا كان العلماء الصالحون لا يصلون في ذلك المكان. هذا إذا كان القبر صحيحاً، فكيف وعامة القبور المنسوبة إلى الأنبياء كذب مثل القبر الذي يقال إنه قبر نوح، فإنه كذب لا ريب فيه، وإنما أظهره الجهال من مدة فريبة، وكذلك قبر غيره.
انتهى.
أما مقام إبراهيم الموجود بمكة فليس بقبر، بل هو أثر قدميه كما هو معروف.
والله أعلم.