عنوان الفتوى : أقوال الفقهاء في طواف الوداع
رجل أدى مناسك الحج ثم طاف طواف الوداع وبعدها ذهب إلى جدة مع ترك أمتعته بمكة لمدة يوم أو اثنين ثم عاد إلى مكة مرة أخرى لأخذ أمتعته والسفر إلى المدينة مباشرة مع حملته هل يلزمه إعادة طواف الوداع؟
خلاصة الفتوى:
يجب على الرجل المشار إليه أن يطوف للوداع قبل خروجه من مكة ولو كان قد دخلها بغير نسك ما دام أنه دخلها مرة أخرى بعد سفره ويريد الخروج منها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول في لزوم طواف الوداع على الرجل المشار إليه ينبني على القول الراجح من أقوال أهل العلم فيمن يلزمه طواف الوداع، هل طواف الوداع من النسك فيلزم من قدم مكة حاجاً أو معتمراً فقط وأراد الخروج، أم أنه عبادة مستقلة وليست نسكا فيلزم كل من خرج من مكة حتى أهلها والآفاقي الذي لم يأت لنسك؟ قولان لأهل العلم.
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن طواف الوداع يجب على كل من أراد الخروج من مكة مسافة القصر ولو كان غير حاج أو معتمر بل ولو كان من أهلها، قال النووي في المجموع: هل طواف الوداع من جملة المناسك أم عبادة مستقلة؟ فيه خلاف. قال إمام الحرمين والغزالي: هو من المناسك، وليس على الحاج والمعتمر طواف وداع إذا خرج من مكة لخروجه. وقال البغوي والمتولي وغيرهما: ليس طواف الوداع من المناسك، بل هو عبادة مستقلة يؤمر بها كل من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر، سواء كان مكياً أو أفقياً. وهذا الثاني أصح عند الرافعي وغيره من المحققين تعظيماً للحرم وتشبيهاً لاقتضاء خروجه الوداع باقتضاء دخوله الإحرام... انتهى.
وقال أيضاً: والصحيح المشهور أنه يتوجه على من أراد مسافة القصر ودونها سواء كانت مسافة بعيدة أو قريبة، لعموم الأحاديث...
وجاء في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: طواف (وداع) وهو واجب على كل خارج من مكة من حاج وغيره... وقال أيضاً: ... لم يخرج منها حتى يودع البيت بالطواف وجوباً على كل خارج من مكة لوطنه أو غيره على المذهب.
والمالكية وإن ذهبوا إلى أن طواف الوداع مندوب وليس واجباً إلا أنهم نصوا على أنه يندب لكل خارج من مكة ولو قدم لغير نسك كتجارة ونحوها، جاء في مواهب الجليل للحطاب: طواف الوداع مشروع لكل من خرج من مكة مكي أو غيره، قدم لنسك أو لتجارة؛ إن خرج لمكان بعيد سواء كان بنية العودة أم لا...
وأما الحنفية فإن طواف الوداع عندهم واجب في الحج فقط.
ولعل القول الراجح هو قول الحنابلة والشافعية من أن طواف الوداع واجب على كل من خرج من مكة؛ إلا الحائض حتى ولو كانت المسافة دون القصر على المشهور عند الشافعية كما ذكر النووي؛ لعموم حديث ابن عباس: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن الحائض... رواه البخاري، وعليه فينبغي للرجل المشار إليه أن يعيد طواف الوداع فإن هذا أحوط وأبرأ لذمته.
والله أعلم.