عنوان الفتوى : الحكمة والفقه لا تختص بالرجال دون النساء
الباءة والحكمة والفقه في الدين وغيرها مما ورد في الشريعة الإسلامية هل هي خاصة بالرجال دون النساء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخطاب الشرع موجه إلى الرجال والنساء لا فرق فيه بينهما إلا ما دل دليل على تخصيصه بأحدهما، وفي خصوص الأمور التي أوردتها في السؤال فالرد عليها سيكون على النحو التالي:
الباءة: فأما الباءة فلها معنيان، يمكنك أن تراجع فيهما الفتوى رقم: 56466. فمن رأى من أهل العلم أن الباءة هي المهر وما يتبعه من مؤن النكاح، والمنزل ونحو ذلك، جعلها مختصة بالرجال، لأن المرأة ليست مطالبة بشيء من تلك المؤن، وبالتالي فلا معنى لخطابها باستطاعة الباءة. ومن رأى للباءة معناها الآخر، قال إن الخطاب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج... موجه إلى الرجال والنساء معاً، لأن الشهوة أمر مشترك بين الجنسين.
الحكمة: قال الله تعالى: يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ {البقرة:269}، قال الطبري في تفسيره: يعني: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله. و(من) في قوله تعالى: يؤتي الحكمة من يشاء، لا تختص بالرجال دون النساء بل هي شاملة لهما، قال صاحب المراقي في الأصول:
وما شمول من للأنثى جنفُ * وفي شبيه المسلمين اختلفوا
الفقه في الدين: لقد ثبت أن أمنا عائشة رضي الله عنها كانت من أعلم الناس، وهي امرأة، جاء في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة: قال مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً في العامة. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة. وقال أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً، وقال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع العالمين المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. انتهى. الإصابة 8/18. ومن هذا يتبين لك أن ما أوردته في السؤال ليس فيه ما يختص بالرجال دون النساء، إلا الباءة على أحد التفسيرين.
والله أعلم.