عنوان الفتوى : هل للمختلعة حق في المهر
زوجة خلعت نفسها فهل المهر من حقها؟ وما هي حقوق الزوج عليها في هذه الحالة؟ وشكراً جزيلاً لكم مقدماً.
خلاصة الفتوى:
الزوجة إذا كانت مدخولاً بها فإن المهر لها، وإن لم تكن مدخولاً بها فقد اختلف فيما إذا كان لها نصف المهر أم لا، وأما الزوج فليس له من الحقوق إلا ما تم عليه الخلع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالزوجة إذا اختلعت من زوجها وكانت قد قبضت المهر ودُخل بها فإن المهر يكون لها، وهذا مما لا خلاف فيه بين المذاهب الأربعة، وإذا كان الخلع وقع قبل الدخول أو قبل قبض المهر، فقد اختُلف عن الحنفية فيما إذا كان المهر لها في الدخول أو نصفه في عدم الدخول، أم لا شيء لها من ذلك.
جاء في العناية شرح الهداية للبابرتي الحنفي: وإذا خالعها على مال مسمى معلوم معروف سوى الصداق، فإن كانت المرأة مدخولاً بها والمهر مقبوض فإنها تسلم إلى الزوج ولا يتبع أحدهما الآخر بعد الطلاق بشيء. وإن كان المهر غير مقبوض فالمرأة تسلم إلى الزوج بدل الخلع ولا ترجع على الزوج بشيء من المهر عند أبي حنيفة خلافاً لهما، وأما إذا كانت المرأة غير مدخول بها والمهر مقبوض فإن الزوج يأخذ منها بدل الخلع ولا يرجع عليها بنصف المهر بسبب الطلاق قبل الدخول عند أبي حنيفة، وإن لم يكن المهر مقبوضاً يأخذ الزوج منها بدل الخلع وهي لا ترجع على زوجها بنصف المهر عند أبي حنيفة خلافاً لهما. انتهى.
وأما الشافعية فالمهر عندهم في الخلع يكون للمرأة في جميع الحالات، قال الشافعي في الأم: وإذا خالع الرجل امرأته دخل بها أو لم يدخل بها قبضت منه الصداق أو لم تقبضه فالخلع جائز، فإن كانت خالعته على دار أو دابة أو عبد بعينه أو شيء أو دنانير مسماة أو شيء يجوز عليه الخلع ولم يذكر واحد منهما المهر فالخلع جائز ولا يدخل المهر في شيء منه، فإن كان دفع إليها المهر وقد دخل بها فهو لها لا يأخذ منه شيئاً، وإن لم يكن دفع إليها فالمهر لها عليه، وإن كان لم يدخل بها وقد دفع المهر إليها رجع عليها بنصف المهر وإن كان لم يدفع منه شيئاً إليها أخذت منه نصف المهر وإن كان المهر فاسداً أخذت منه نصف مهر مثلها. انتهى.
ووافق الحنابلة الشافعية إلا أننا لم نقف لهم على كلام في الخلع قبل الدخول والظاهر أنهم لا يخالفون الشافعية، جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: (و) إن خالعها قبل الدخول (على مثل نصف الصداق في ذمتها) وكانت لم تقبض الصداق منه صح ذلك و(يسقط الكل) أي: كل الصداق (نصفه بالفرقة ونصفه بالمقاصة) حيث وجدت بشروطها. انتهى.
ووافق المالكيةُ الشافعية والحنابلة في جميع هذه التفاصيل، إلا أنهم فرقوا في غير المدخول بها بين مخالعتها له على مال، وبين طلاقه لها على مال.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وإن خالعته على كعبد أو عشرة ولم تقل من صداقي فلا نصف لها، ولو قبضته ردته، لا إن قالت طلقني على عشرة، أو لم تقل من صداقي، فنصف ما بقي وتقرر بالوطء.
قال الدردير: صوابه أو قالت خالعني أو طلقني على عشرة (من صداقي فنصف ما بقي) يكون لها. انتهى.
والذي نميل إلى رجحانه هو ما عليه الجمهور، لأن الصداق قد تقرر نصفه للمرأة بمجرد العقد، وتملكه بالوطء فلا معنى لسقوطه في الخلع ما لم تكن هي قد تنازلت عنه أو عن شيء منه في مقابل الخلع، وأما الزوج في الخلع فحقه أن تسلم له المرأة ما تم الخلع عليه، لا غير ذلك.
والله أعلم.