عنوان الفتوى : جواب شبهة حول قتال أبي بكر لمانعي الزكاة
كيف قاتل أبو بكر مانعي الزكاة مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:"نهيت عن قتل المصلين". وفي الحديث أيضاً:"بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله قال ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل قال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلي فقال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال ثم نظر إليه وهو مقف فقال إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأظنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود" أي أن أبا الخوارج ليس مهدور الدم ما دام يصلي، كما أن أحداً من المسلمين لم يشر عليه بقتالهم وعارضوه بادي الأمر، وفي آراء الفقهاء سعة في حكم قتل تارك الزكاة (طالما شهد شهادة الحق وأدى الصلاة). لا أنكر فعل أبي بكر لكن أسأل ليطمئن قلبي. وشكراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأبو بكر -رضي الله عنه- قد قاتل مانعي الزكاة بإجماع من الصحابة -رضي الله عنهم-. والإجماع حق مقطوع به في دين الله عز وجل، وأصل عظيم من أصول الدين، ومصدر من مصادر الشريعة. قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ. انظر العدة 4/1058.
ولسنا بهذا نعني أن الإجماع مقدم على نصوص الوحي من كتاب أو سنة، بل إن الإجماع مستمد من الكتاب والسنة، وتال لهما في المنزلة. وإنما نعني أن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتل المصلين ليس على إطلاقه بدليل قتل المرتد ولو لم يترك الصلاة.
وبدليل قتل المصلي قصاصا، أو قتله حدا إذا زنى وهو محصن، أو إذا بغى أو حارب، ونحو ذلك من الأمور الكثيرة التي ورد الحد فيها بالقتل، دون النظر فيما إذا كان المقام عليه الحد مصليا أو غير مصل.
وهذا التقييد للحديث هو الذي فهمه أبو بكر -رضي الله عنه- حين قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.
وهو الذي فهمه عمر -رضي الله عنه- لما سمع كلام أبي بكر فقال: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. متفق عليه.