عنوان الفتوى : معنى: "يد الله مع الجماعة"
ما المراد من "يد الله على الجماعة" ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يد الله مع الجماعة"، وله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يجمع أمتي"، أو قال: "أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، ويد الله مع الجماعة" والحديث صحيح كما في صحيح الجامع برقم (1848).
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن المراد بذلك هو رعاية الله لهم، وعنايته بهم، وأنهم في كنفه وحفظه.
واختلف أهل العلم في المقصود بالجماعة، قال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله (الاعتصام 1/478): اختلف الناس في معنى الجماعة المرادة في هذه الأحاديث على خمسة أقوال: أحدها: أنها السواد الأعظم من أهل الإسلام، وهو الذي يدل عليه كلام أبي غالب: إن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق، فما كانوا عليه من أمر دينهم، فهو الحق، ومن خالفهم مات ميتة جاهلية، سواء خالفهم في شيء من الشريعة، أو في إمامهم وسلطانهم، فهو مخالف للحق.
فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها، ومن سواهم داخل في حكمهم، لأنهم تابعون لهم، ومقتدون بهم فكل من خرج عن جماعتهم، فهم الذين شذوا، وهم نهبة الشيطان، ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع، لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة لم يدخلوا في سوادهم بحال.
الثاني: أنها جماعة أئمة العلماء المجتهدين، فمن خرج مما عليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية، لأن جماعة الله العلماء جعلهم الله حجة على العالمين.
الثالث: أن الجماعة هي الصحابة على الخصوص.
الرابع: أن الجماعة هي جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر، فواجب على غيرهم من أهل الملل اتباعهم، وهم الذين ضمن الله لنبيه عليه الصلاة والسلام أن لا يجمعهم على ضلالة.
الخامس: ما اختاره الطبري الإمام، من أن الجماعة جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير. ا.هـ.
فلكل هذه الأقوال وجه، وهي تلتقي عند نقطتين عليهما مدارها وهما: الاتباع، واعتبار أهل السنة.
قال أبو إسحاق: فهذه خمسة أقوال دائرة على اعتبار أهل السنة والاتباع، وأنهم المراد بالأحاديث.
والله أعلم.