أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الخوف من الموت

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب عمري (31) عاماً متزوج ولدي طفل -ولله الحمد- وأعمل مترجماً.
مشكلتي الحقيقية بدأت منذ وفاة أبي حيث شاهدت واقعة أبي وهو يتوفى وشعرت بروحه تخرج من جسده، ومنذ ذلك اليوم وأنا أخاف من الموت ويزداد الشعور عند قدوم الليل حيث أشعر بأنني سأنام ولن أقوم وأظل أتخيل وضعي في القبر، وكيف سيكون هذا القبر مظلماً، لا ماء ولا هواء ولا ضوء شمس، وأتساءل: ماذا سيحصل لي؟
على العلم بأنني أصلي الصلوات الخمس ولكنني خائف خوفاً شديداً فلا أنام بالليل جيداً.
وعندما أستيقظ أظل أفكر في القبر وموتي، وماذا سيحدث لي بعد ذلك، مع العلم بأنني أخاف حتى ركوب المصعد، وأشعر بأنه سيسقط بي إذا ركبته، بالله عليكم ساعدوني، فماذا أفعل؟ هل يمكن تناول أي دواء للاكتئاب؟ بشرط أن لا يسبب لي النوم العميق بسبب طبيعة عملي، أنا فعلاً أرى الدنيا سوداء وبدون طعم، وقلبي يخفق بالذات عند سماع خبر موت أحد الأشخاص أو رؤية عزاء، وأخاف أن تموت أمي أو إحدى أخواتي أو هكذا، بالله عليكم ساعدوني.
وجزاكم الله كل الخير.
الرجاء مراستلي على نفس البريد.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فبارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
فإن الخوف من الموت نرى دائماً أنه خوف مبرر، ولكن هذا الخوف يجب ألا يكون للدرجة المعيقة، والإنسان حين يذكر الموت في هذا عظة كبيرة له.
هنالك موضوع هام جدًّا في قضية الموت، وهو على الإنسان أن يستشعر دائماً أن خوفه من الموت لن يزيد ولن ينقص في عمره ثانية واحدة، فالأجل مكتوب ومحتوم ولا شك في ذلك، وأنا أعرف تماماً أنك تستوعب هذه الحقيقة تماماً، ونوعية الخوف الذي تعاني منه لا نقول إنه خوف من حقيقة الموت، ولكن هو خوف يأخذ الطابع الوسواسي، وأنت مررت بتجربة حضور وفاة والدك عليه رحمة الله.
إذأ: ما أصابك من وساوس تحمل طابع الخوف حول الموت وقضية الموت هي تجربة مكتسبة، هي خبرة انتقلت من حضورك لهذه الحادثة وسيطرت على كيانك ويظهر أنك أصلاً لديك الاستعداد للقلق والتوتر والمخاوف.
لا شك أن الأعراض بالصورة التي تتحدث عنها حول القبر وظلمة القبر هي ناتجة أيضاً من القلق وناتجة من التصور الوسواسي الذي سيطر عليك.
لماذا لا تبني الشعور أن القبر أيضاً روضة من رياض الجنة، وتسأل الله تعالى أن يجعلك من هؤلاء، واعمل لذلك؟!
دائماً حاول أن توقف هذه الأفكار بهذا النمط، واجعل لنفسك وسيلة تقلل من هذه المشاعر الوسواسية، وذلك بتذكر دائماً أن أمر الموت هو أمر لا ينجو منه أحد من البشر ولا أحد من الأحياء، إذن: أنت مشارك للآخرين في هذا الأمر، ولكنك تريد أن تميز نفسك بأن تعمل وتجتهد في عمل الصالحات.
نحن دائماً نقول للناس الذين يحسون بالمخاوف: عليكم بتحقير الفكرة، هنا لا نقول لك حقر فكرة الموت؛ لأن الخوف من الموت أمر حقيقي وقد يكون مرغوباً فيه، ولكن حقر الفكرة الوسواسية المرتبطة بالموت وقضية الموت.
ثانياً: حقيقة الالتزام والتمعن في أذكار النوم يبعث الطمأنينة في نفس الإنسان، خاصة أنت لديك هذا الشعور بأنك ربما تنام ولن تصحو من هذا النوم، فخذ بالأدعية المأثورة تبعث فيك الطمأنينة. نم على جنبك الأيمن، اقرأ آية الكرسي، خواتيم البقرة، قل هو الله أحد، قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، انفث في يديك ثم بعد ذلك امسح بها ما تستطيع من جسدك، وكرر هذا ثلاث مرات.. هذا يبعث على الطمأنينة، قل (اللهم باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).
هذا يشعرك بالطمأنينة العظيمة، لأنك في حرز الله وفي حفظه في جميع الأحوال حيًّا أو ميتاً.
هذا الأمر يجب أن تعطيه أهمية خاصة، وصدقني أن هذا مطمئن.
هنالك أمور في الحياة يجهلها الناس كثيراً، هذه الأدعية في مواقف معينة أنا أقول لك من تجربة شخصية هي أفضل وسيلة لأن يبدل الإنسان من مشاعره ويبدد مخاوفه، دعاء الركوب دائماً إذا قيل بيقين وبتمعن يبعث على الطمأنينة، إذا كنت في الطائرة أو في السيارة أو غير ذلك.
أتفق معك تماماً أن الإنسان حين يختلي بنفسه على فراشه عند النوم قد تأتيه فكرة الموت وكيفية الموت، هذا فعلاً تسيطر، ولكن حين يقوم الإنسان بتأدية أذكار النوم بصورة صحيحة هذا أمر عظيم، وحين يصبح ويقول: (الحمد لله الذي أحياناً بعد ما أماتنا وإليه النشور)، هذه تذكرك بأن النوم هو فعلاً موتة صغرى، وأنت تحمد الله الذي أحياك من هذه الموتة.
إن شاء الله تعالى باستبصارك لهذه الأمور بصورة أدق وأعمق سوف يساعدك، وإن شاء الله سوف يفيدك الإخوة في القسم الاجتماعي - حفظهم الله - في هذا السياق سوف يفيدونك أكثر وبتفصيل وبعلمية أكبر.
يأتي بعد ذلك أنه من الضروري جدًّا أن تشعر أن لحياتك قيمة ومعنى، وأن تستثمر وقتك، وأن تتعامل مع ذاتك بإيجابية، وسوف تجد أن هناك أشياء طيبة في حياتك كنت لا تستشعرها، فعليك أن تستشعر هذه الأشياء.
حاول أن تتواصل اجتماعياً مع الآخرين، حاول أن تقوم بأي عمل من أعمال البر والخير كالانضمام للجمعيات الخيرية، هذا يعطيك الشعور بالرضا ويقلل الخوف بصورة واضحة.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وأبشرك أنه توجد أدوية ممتازة وفعالة خاصة لعلاج المخاوف والهرع والهلع والاكتئاب والوساوس.
الدواء الأفضل في حالتك هو عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، هو من الأدوية المجربة والممتازة وقد أدخل الأسواق من ست أو سبع سنوات تقريباً، وقد أثبت فعاليته وكذلك سلامته.
ابدأ في تناول السبرالكس بجرعة (10 مليجرام) ليلاً بعد الأكل لمدة شهر - وهذه هي جرعة البداية - ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى (20 مليجراماً) ليلاً لمدة أربعة أشهر - وهذه هي الجرعة العلاجية - ويتميز هذا الدواء بأنه حبة واحدة في اليوم وليس أكثر من ذلك.
بعد انقضاء أربعة أشهر خفض الجرعة إلى (10 مليجرام) ليلاً لمدة ستة أشهر - وهذه هي الفترة الوقائية - وبعد ذلك توقف عن الدواء.
أسأل الله لك العافية والمعافاة وأن يحفظك وأن يطيل عمرك في عمل الخير.
وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
هلع الموت يلاحقني باستمرار، فأرجو المساعدة. 1913 الاثنين 17-08-2020 04:34 صـ
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ 2863 الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ 2789 الأحد 19-07-2020 07:11 صـ
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا 1083 الخميس 16-07-2020 02:42 صـ
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. 2125 الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ