أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيفية التعامل مع طمع المرأة في مال أختها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم.
كيف أتعامل مع أختي؟ فهي دائماً تطمع فيما عندي لأنني أنا لا أوفر النقود، واشتري كل ما ينقصني، بينما هي تخفف عن زوجها وتساعده لكي يوفر النقود؛ وذلك على حساب الآخرين.

لا أخفي عليك أنني بدأت أكرهها ورغم أنني أحاول أن أفهمها أن ما تفعله يزعجني، وأن من يستغني يغنيه الله، إلا أنها لا تريد الإقلاع عن هذه العادة، بل إن شراهتها تزيد يوماً بعد يوم؛ لذا أريد حلاً أرضي به ربي، وأرتاح من أختي؛ لأن فكرة أن أختي تملك ما لا أملك وتطمع في يجعلني أغضب وأبتعد عنها، هذا بالإضافة إلى أنني أغتابها.

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في استشارات موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يبارك فيك، وأن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يعينك على العطاء والبذل والإنفاق، وعلى إكرام أهلك خاصة أختك، كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقها القناعة بما رزقها، وأن يعينها على أن تكون معتدلة بعيدةً عن هذا الإسراف أو هذا الغلو أو هذا الإلحاح المزعج الذي سبب هذه النفرة منها.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإنه وكما لا يخفى عليك أن أصابعك في اليد الواحدة ليست على صورة واحدة، فرغم أنها في يد واحدة إلا أنها مختلفة اختلافاً كلياً، فهي لا يمكن أن يُشبه واحد منها الآخر، وكذلك أيضاً أنت وأختك نعم إن والدكما واحد وأمكما واحدة، ولكن بينكما نوع من الاختلاف الكبير، كل واحد منكم يحمل بعض الموروثات وبعض الصفات التي يشعر أنها تتناسب مع شخصيته، بصرف النظر عن كونها توافق الآخرين أم تخالفهم، فأنت قد منَّ الله عليك بالاعتدال، فتحرصين على أن تشتري ما تحتاجين شراءه، وإن ترتب على ذلك نفاد ما لديك من نقود، المهم أنك لا تحرمين نفسك من شيء طيب حلال، وهذا هو الأصل، فإن الله تبارك وتعالى قال: (( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ))[الأعراف:32].

فالإنسان لا يحرم نفسه ما دام في حاجة إلى أشياء يراها من الحاجيات أو الضروريات أو أن نفسه تميل إليها وهي ليست محرمة، فلا مانع من أن يشتريها ليمتع نفسه بما أكرمه الله تبارك وتعالى به من مال، خاصة أنه ليس بخيلاً وأنه يؤدي حق الله تبارك وتعالى من حيث الزكوات إذا كان عنده مال، ولا ينسى الفقراء والمساكين من الصدقات أيضاً من باب أن هذا تطهير لهذا المال، وهو أيضاً عبادة وقربة يترتب عليها زيادة الأرزاق كما أخبر الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (ابن آدم! أَنفق أُنفق عليك).

أما فيما يتعلق بأختك فمع الأسف الشديد أن هذا ليس حالها وحدها، وإنما هذا حال قطاع كبير من الناس رجالاً كانوا أو نساءً، إذ إن البعض يحلو لهم استنزاف الآخرين والاستيلاء على ما لديهم، وجمع هذه الأموال لنفسها ولزوجها ولأولادها، بل أحياناً الشكوى بعدم وجود شيء، ودائماً الشكوى المرة بأن الدخل لا يكفي وأن حياتنا صعبة أو قاسية، والتطلع إلى ما في يد الآخرين، وتمني أن كل هذه النعم تتحول إليها.

هذه الشخصية موجودة في المجتمع وهي ليست حقيقة نسبة قليلة، وإنما هي نسبة أيضاً لا بأس بها، وأختك بلا شك طبعاً هذا مرض عندها، هي أعتقد أنها تقاومه، ولكن نتيجة الظروف التي تعيشها لعلها ترى أن دخل زوجها لا يكفي، وترى أنها فعلاً تريد أن تقف معه، وهناك كما ذكرت أناس يحبون أنفسهم ويحبون أسرهم أكثر من محبة آبائهم وأمهاتهم، ولذلك نجد أن بعض النساء أحياناً قد تقاطع أباها وأمها وإخوانها وأخواتها من أجل زوجها وأولادها، وكذلك أيضاً نجد أن بعض الرجال قد يفضل امرأته وأولاده على أبيه وأمه، هذا موجود، فهذه الحالة التي ذكرتها عن أختك هي حالة موجودة، وحقيقة هي ليس لها من حل إلا الإقناع، محاولة إفهامها بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)، وأن ما تأخذينه بسيف الحياء فهو حرام لأنه لا يحوز لك، وما أخذته من ورائي فقطعاً هو حرام شرعاً أيضاً لأنه مخالف للشرع، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ليس الغنى عن كثرة العرض، وإنما الغنى غنى النفس)، ولذلك أختك ليس عندها قناعة وغنى نفس، وترتب على ذلك أنها تريد أن تجمع ما يمكن جمعه.

فأنا أقول: حاولي توضيح الأمر لها، وإذا لم تستطيعي ذلك بنفسك فمن الممكن أن يتدخل طرف آخر، ليبين لها أن هذه العلة علة خطيرة وأنها علة مزعجة، وأن الناس لا يحبون مثل هؤلاء الذين يفعلون هذه التصرفات، وأن الناس عليهم الرضا بما قسم الله لهم، وأن كل إنسان يعيش على قدر دخله وإمكاناته، ولا ينبغي أبداً أن ينظر إلى غيره؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: (( وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ))[النحل:71]، ثانياً: إذا كان دخلها ضعيفاً فهناك من هو أضعف منها، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم)، ما دمت أنا أتطلع إلى الأكثر مني غنىً والأكثر مني ثراء والأكثر مني دخلاً فأنا لن أستريح أبداً، ولكن الواجب عليَّ حتى أستريح وأرضى لابد أن أنظر إلى من هو أقل مني، فإذا كان دخلي مثلاً مائة دينار أو مائتين أو أكثر فهناك من دخله أقل من ذلك، وقد يكون عدد أفراد أسرته أكبر، وقد تُعرض عليه الزكاة فلا يقبلها؛ لأنه عنده عفة نفس وعنده قناعة، ولذلك يعيش سعيداً ولا يرى لأحد عليه فضلاً.

فأنا أقول: أختك تحتاج إلى الإقناع ولا مانع من الاستعانة بأحد أطراف الأسرة الآخرين ليبين لها خطورة ما تفعل، وأن هذا الأمر يتعارض مع شرع الله تعالى، وأن هذه المسألة ينبغي أن نكفَّ عنها لأنها مزعجة ولأنها تؤدي إلى نفرة الناس منها، وإلى غير ذلك، ومن الممكن أن تقولي لها: أنا أستطيع إن شاء الله أن أتفق معك أن أعطيك شيئاً ولو شهرياً بطيب نفس مني، ولكن هذا الجشع وهذا الحرص والطمع يزعجني. وأنت تستطيعين إذا كنت تشعرين فعلاً أنها في حاجة للمساعدة أن تقدمي لها مساعدة ولو بسيطة على قدر ظروفك وإمكاناتك؛ لأن هذه من الأمور التي تسد عنك باب الشر، فإن الإحسان إلى الناس عادة يؤدي إلى تجنب شرهم، ويؤدي إلى تجنب أذاهم؛ لأن الإنسان بذلك يُطفئ في نفوسهم الرغبة في الانتقام أو النظرة الحاسدة إلى الحطام الذي أنعم الله به على الناس.

فأنا أرى أن تصبري عليها، وأرى -جزاك الله خيراً- أن تواصلي نصحها، وأن تواصلي تذكيرها، على قدر استطاعتك بإذن الله تعالى، وإذا لم تستطيعي أن توصلي لها الرسالة المؤثرة أو الناقلة عن هذا التصرف السيئ؛ فمن الممكن أن تستعيني بطرف آخر، وأقول: إذا كان لديك قدرة مالية على أن تساعديها بشيء شهري إذا كانت ظروفها تسمح، بمعنى أن دخل زوجها ضعيف ولديه أولاد كثر، فأنا أرى أنها أولى من غيرها بالمساعدة، واعلمي أن الصدقة عليها بأجرين: صدقة وصلة رحم؛ لأنها أختك والصدقة عليها أعظم من الصدقة على غيرها.

وحاولي إرضاءها على قدر ما تستطيعين، حتى لا تضطر إلى أن تظهر لك الجشع أو الطمع فيما لديك فتزعجك، وابتعدي -بارك الله فيك- عن غيبتها قدر الاستطاعة، نعم أنا أعلم أنها هي التي تؤدي بك إلى هذا التصرف المحرم، ولكن بقدر الاستطاعة تجنبي هذا حتى لا يحرمك أجر أعمالك يوم القيامة؛ لأنك تعلمين أن الغيبة محرمة وأن الغيبة عقابها عظيم يوم القيامة، وأن أقل ما فيها أنها تذهب بحسنات المغتاب إلى من اغتابه.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك الصبر وسعة الصدر والحلم والأناة، وأن يوسع رزقك حتى تكرمي أختك كرماً زائداً حتى تُقلع عن الطمع والجشع، كما نسأله تبارك وتعالى أن يوفقكما لعلاج هذه المشكلة في القريب العاجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...