أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الخوف من الإلقاء أمام الناس أو الصلاة بهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا شاب أسكن في قرية، ومشكلتي هي أني أخاف من الإلقاء أمام الناس، فعندما يغيب إمام المسجد يقدمني أحد المصلين، ولكني أخاف وتتغير حالتي ويتلعثم لساني وأتصبب عرقاً، فأتاخر دائماً عن الصلاة إذا علمت أن الإمام غير موجود، وحتى في الجامعة إذا سألني الدكتور تصيبني نفس الحالة.
علماً بأني كنت في المدرسة من مقدمي الإذاعة المدرسية، ولم تصبني الحالة إلا منذ أربع سنوات، ولا أستخدم أي علاج، فساعدوني لكي أتخلص من هذه الحالة.
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن أعراضك تتمثل في عدم القدرة على المواجهة والشعور بالقلق الشديد والإحباط واهتزاز الثقة بالنفس في هذه المواقف الاجتماعية مثل التقدم للصلاة بالناس، وكذلك حين يطلب منك أن تقدم عرضاً أو يسألك الأستاذ في الجامعة، الحالة هذه تسمى بالقلق أو الرهاب الاجتماعي الظرفي، وهذا النوع من الخوف الاجتماعي منتشر جدّاً، وهو حقيقة ليس أكثر من أنه نوع من أنواع القلق، ولكنه بالطبع قلق خاص يسبب للإنسان الكثير من الإزعاج واهتزاز الثقة بالنفس وتقليل قيمة الذات. ولكن في حقيقة الأمر علاجه إن شاء الله بسيط وممكن جدّاً.
أنت ذكرت أنك كنت في المدرسة من مقدمي الإذاعة المدرسية، وهذه الحالة بدأت معك منذ أربع سنوات، اتصالاً بهذا الموضوع أقول لك أن الرهاب الاجتماعي أو الخوف الاجتماعي هو سلوك مكتسب ومتعلم، غالباً يكون الذي حدث لك موقف من الرهبة أو خبرة سلبية في أثناء تقديمك للبرامج الإذاعة المدرسية ولكنك في لحظتها لم تلاحظ الرهبة التي حدثت لك وظلت مخزونة في عقلك الباطني أو ما يمكن أن نسميه بالعقل البدائي لدى الإنسان، وبعد ذلك بدأت تظهر عندك هذه النوبات من القلق والخوف بعد سنوات من الكمون – أو الخمول - وعدم النشاط.
نحن نحرص كثيراً أن نوضح للناس حالاتهم بالضبط وذلك حسب ما يصلنا من إفادة؛ لأن معرفة الإنسان لتشخيصه وحالته بصورة علمية هذا نعتبره نصف العلاج.
إذن أنت حالتك مجرد قلق نفسي يسمى بالقلق الاجتماعي، وهي ليست حالة عقلية أو ذهنية، كما أنها لا تدل مطلقاً على ضعف في إيمانك وفي شخصيتك.
ثانياً: أريدك أن تصحح بعض المفاهيم عن هذه الحالة، وهي أولاً أنها مكتسبة، وأنها يمكن أن تزول وأن تعالج؛ لأن منطق الأشياء يقول أن كل ما هو متعلم ومكتسب يمكن أن يُفقد بواسطة التعزيز السلبي أو التعليم المعاكس.
مبدأ العلاج يقوم على المواجهة، ويسمي علماء النفس هذه الآلية العلاجية بالتعريض مع منع الاستجابة، بمعنى أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر خوفه ويمنع نفسه من الاستجابة السلبية، ومن الطرق العملية والجيدة جدّاً التي يطبقها الأخصائيون النفسيون هو ما يسمى التعرض – أو التعريض – في الخيال، من خلال هذه العملية العلاجية السلوكية يُطلب منك أن تجلس في مكان هادئ وتتأمل في شيء طيب، ثم بعد ذلك تتخيل نفسك بكل تركيز ودقة أنك تصلي بالناس، أو أنك أصبحت خطيباً للجمعة في مسجد ما، يجب أن تعيش الأمر بتفاصيله منذ استعدادك في المنزل ولبسك لأفضل الثياب، أخذاً بقوله تعالى: (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ))[الأعراف:31] وتحضيرك للخطبة، وبعد ذلك دخولك للمسجد، ثم صلاة تحية المسجد، ثم بعد ذلك قيامك إلى المنبر ومشيك إليه وصعودك عليه، ثم الانتظار لإتمام الأذان، ثم نهوضك وقيامك لتخطب في الناس وبداية الخطبة، وبعد ذلك تسترسل في الأمر حتى نهاية الخطبة، ثم نزولك إلى الصلاة.. هذا خيال إذا عشته بجدية وبتمعن وتركيز ذو قيمة علاجية كبيرة، لأنك تكون عرضت نفسك لمصدر الخوف في الخيال، وإن كان التعريض في الخيال، إلا أنه مشهد قريب جدّاً للواقع ويمكن أن يحدث في الواقع.
وتأمل نفسك في مواقف اجتماعية أخرى مثل أن طلب منك الدكتور – أستاذ الجامعة – أن تلقي محاضرة أو تقدم عرضاً لموضوع ما أمام زملائك، ولابد أن تكون متقناً ومجيداً ومتفوهاً وبليغاً، هذا الخيال أيضاً يتطلب مدة لا تقل عن ربع إلى ثلث ساعة، وهكذا يمكن أن تبني خيالات أخرى.
يأتي بعد ذلك أقول لك أن تبدأ في التطبيق العملي، والتطبيق العملي يقوم على مبدأ أن تحقر فكرة الخوف، وعليك أن تعلم أن ما يحدث لك من مشاعر من تلعثم ورجفة وتعرق وشعور بخفة في الرأس وفقدان السيطرة على الموقف، هذا يجب أن تعلم أنه مشاعر مبالغ فيها وليس كلها حقيقية، وأنت حين تعرض نفسك تبدأ بالتدريج، ابدأ بالصلاة في المسجد في الصف الأول دائماً، ويمكن أن تكون في الجانب الأيمن من الصف، ثم بعد ذلك انتقل إلى منتصف الصف، ويمكن أن تصور نفسك أن تنوب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، وتذكر أن بعض المصلين يقومون بتقديمك للصلاة، وهذا يدل أنك كفؤ لهذا المقام، هذا يجب أن يبني عندك خبرة إيجابية.
إذن لا تتجنب، عليك أن تعرض نفسك، وهذا هو العلاج الأساسي.. وأنصحك أيضاً بأن تشارك في حلقات التلاوة، وحلقات الدروس، جالس العلماء، ناقش وحاور وشارك، وهذه مجالس خصها الله تعالى بالرحمة وتحفها الملائكة وتتنزل عليهم السكينة، فإذن الطمأنينة هي في الأصل أصل من أصولها، وهذا يجب أن يبني عندك الدافعية... وهكذا.
إذن أن تعيش وتطبق وتتخيل هذا إن شاء الله يجعلك تعيش بدون خوف وبدون قلق وبدون رهبة، وعليك أيضاً أن تشارك أهلك وأصحابك وجيرانك في كل المناسبات الاجتماعية، كن مقداماً، سلِّم على الناس، تبسم في وجوههم، هذا مزيل للقلق والخوف، وعليك أيضاً بأن تمارس الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية، حيث إن الإنسان يتفاعل لا شعورياً مع زملائه، هذا وجد أيضاً أنه يقهر الخوف.
أنصحك أيضاً بالانخراط في الأعمال الجماعية الشبابية على مستوى الجامعة أو الجمعيات الخيرية، هذه أيضاً ترفع من درجة الكفاءة والجودة في الأداء النفسي، فكن حريصاً على ذلك.
بقي أن أنصحك وأقول لك أنه توجد بشرى كبيرة جدّاً وهي أنه بفضل من الله تعالى الآن توجد أدوية فاعلة قوية ممتازة تستعمل لعلاج ما يسمى الخوف أو الهرع أو القلق الاجتماعي، من هذه الأدوية عقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وعقار آخر يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وعقار ثالث يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، وعقار رابع يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) وعقار خامس يعرف تجارياً باسم (إفكسر Efexor) ويعرف علمياً باسم (فنلافاكسين Venlafaxine)، وحتى البروزاك Prozac – ويسمى عليماً باسم (فلوكستين Fluoxetine) - وجد أيضاً أنه من الأدوية المفيدة في علاج الرهاب الاجتماعي، ومن الضروري الالتزام بالجرعة، ونحن في (إسلام ويب) حريصون أن نصف الجرعة الصحيحة والجرعة السليمة.
الدواء الذي أريدك أن تبدأ في تناوله هو عقار زولفت – والذي يسمى أيضاً بـ (لسترال Lustral) – ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراماً) ليلاً بعد الأكل، تستمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة في اليوم، واستمر عليها لمدة عام كامل، ثم خفضها إلى حبة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بجانب الزولفت هناك عقار بسيط مساعد يعرف تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، أرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرامات صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرامات صباحاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
وبتطبيقك والتزامك بهذه الإرشادات والتعليمات النفسية وتناولك للدواء الذي وصفناه لك سوف يغير حياتك تماماً بإذن الله لن يكون هناك خوف أو رهبة، بل انشراح واسترخاء وتفاؤل ومعنويات عالية بإذنهِ تعالى.
ويرجى الاطلاع على هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: (259576 - 261344 - 263699 - 264538)، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ | 1743 | الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ |
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا | 1324 | الأحد 09-08-2020 02:09 صـ |
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ | 2389 | الخميس 23-07-2020 06:16 صـ |
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ | 1731 | الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ |
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ | 3648 | الأحد 19-07-2020 09:33 مـ |