أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : علاج الخوف وعدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم، وبعد:
أكتب لكم هذه الرسالة ولا أعرف كيف أشرح لكم حالتي؟ أنا فتاة اسمي نور وعمري (24) سنة، خريجة وجالسة في البيت لعدم وجود وظائف شاغرة.
سؤالي لكم هو: إني أعاني من انعدام الثقة بالنفس والشعور بالنقص، لا أعتبر نفسي إنسانة، دائماً أكره نفسي وأشعر بالضيق في صدري، هذه الحالة تلازمني منذ الصغر، بدأت أخجل من كل شيء، أخجل من التكلم، أخجل من أن أسلم على أحد حتى أني أخجل من أن أذهب إلى السوق وأشتري لنفسي أي شيء أحتاجه إنما أكلف أختي بهذا الشيء، ودائماً أشعر بأن نبضات قلبي تزداد وأطرافي ترتعش، لساني ينعقد، وأفقد السيطرة على أعصابي، إني للأسف لدي عائلة سيئة! أبي بخيل وكثير المشاكل في البيت معنا ومع أمي، وهذا أثر على إخوتي وأصبحوا مثله يكرهوننا أنا وأخواتي وأمي ويضحكون عليّ ويقللون من شأني وأنا أنزعج من هذا الشيء وأشعر بخوف شديد من المستقبل في وجود هؤلاء الأخوة السيئين.
بدأت أخاف حتى من أن أتزوج، وكرهت الرجال بصورة عامة وأحقد عليهم.
إني إنسانة ضعيفة، لدي طموح واسع وأتمنى أن أعتمد على حالي، عندما أتقرب من أي شاب حتى لو كان قريبي أشعر بأن العالم ينهار من حولي وأخاف من الارتباط؛ لكثرة خوفي وانعدام الثقة في نفسي.
أنا من النوع الكتومة، لا أتكلم مع أحد عن أسراري، أعيش في عالم منعزل تماماً وكل من يلاحظني يقول بأنني منعزلة، لا أتكلم مع الآخرين وأفضل عدم التحدث إليّ، أريد أن أكون أفضل منهم، أبي الآن متوفى، أنا لا أكرهه، هناك مثل يقول: (لا أحد يختار أهله بيده)، أنا أحب مساعدة الناس وإني طيبة القلب كثيراً وأذكر المواقف الطيبة.
لا أريد أن أطيل عليكم ولكن أريد منكم مساعدتي والنظر في رسالتي، أريد أن أنسى الماضي وأبدأ من جديد، أريد أن أحس بنفسي وبوجودي وأحس حتى بشكلي لأنني بدأت أفقد السيطرة على نفسي وأكره من حولي، أصبح اليأس يسيطر علي لدرجة أني بدأت أتمنى الموت على الحياة المملة والبائسة.
أرجوكم ساعدوني فأنا بأمس الحاجة لكم، أعذروني لأنني أطلت عليكم مشكلتي، ولكن مشاكلي كثيرة جداً .. فضعوا لي حداً لمعاناتي -ولكم جزيل الشكر-، وجزاكم الله خير الجزاء وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على ثقتك فيما يقدمه موقعك إسلام ويب.

فإن ما وصفته بالخجل وعدم الثقة بالنفس هو في حقيقة الأمر أصبح يتطور معك وأخذ طابعا اجتماعياً أو ما نسميه بالخوف الاجتماعي، مما جعلك لا تحبين التفاعل مع الآخرين، وأصبحت في شبه عزلة وانسحاب تام من التفاعل مع المجتمع.

الإنسان الذي يرى أنه عديم الثقة بنفسه نحن دائماً ننصحه بأن يعيد تقييم ذاته؛ لأن التجارب العلمية أثبتت أن معظم الذين يعتقدون أنهم لا ثقة لهم في أنفسهم أو أن شخصياتهم ضعيفة وغير فاعلة تكون أحكامهم خاطئة وتقييمهم لأنفسهم تم من زاوية واحدة من مفاهيم ضيقة. فأنت على سبيل المثال تحدثت عن كل ما هو سلبي بالنسبة لك، وكله مرتكز حول عواطفك وليس حول أفعالك، ولكنك لم تذكري الأشياء الإيجابية، قلت أنك طيبة القلب، وبالرغم من ذلك نعت والدك بأنه كان رجلاً سيئاً وكثير المشاكل، وفيما فهمته في رسالتك أن والدك قد تُوفي وانتقل إلى رحمة الله تعالى.

نحن ندعوك لأن تعيدي تقييم نفسك بأن تفكري عما هو إيجابي في حياتك وسوف تجدين أن هناك أشياء إيجابية، فأولاً أنت ـ الحمد لله ـ مسلمة، وأنت في ريعان الشباب، وأنت خريجة وتحملين شهادة جامعية، وحتى إن لم تجدي عملاً فهذا ليس نهاية المطاف ولا يعني سلبية كاملة، ولو نظرت في حياتك سوف تجدين أن هنالك إيجابيات، فأرجو أن تعيدي تقييم نفسك وألا تحقري نفسك وأن تقللي من هذه المشاعر السالبة حيال مقدراتك وحيال شخصيتك.

ثانياً من الضروري جدًّا أن يفصل الإنسان بين مشاعره وبين أفعاله، مشاعرك تتحدث عن فقدانك للثقة في نفسك، ولكن ليس هنالك من أفعال ما يدل على ذلك، وحتى إن كنت تري نفسك غير فاعلة فيمكنك أن تعملي أشياء كثيرة، ونحن ننصح في مثل حالتك أن تكون هنالك إدارة للوقت، أن تقسمي اليوم حسب الزمن المتاح وأن تتخيري نشاطات مختلفة خلال اليوم تقومين بتنفيذها وأدائها دون أي تردد ودون أي تأخير.

الالتزام بهذه الجداول اليومية يزيد من فعالية الإنسان ويشعره في نهاية الأمر أنه قد أنجز أشياء كثيرة كان يعتقد أنه لا يستطيع القيام بها.

إذن تعلمي فن إدارة الوقت واجعلي نشاطاتك مختلفة في أثناء اليوم، خصصي وقتاً للاطلاع، ووقتا للقراءة، ووقتا للتواصل، وهذا ضروري جدًّا، ابدئي بأرحامك ابدئي بجيرانك بصديقاتك، ثم بعد ذلك سوف تجدين أن الشبكة الاجتماعية لديك أصبحت تمتد وتتسع بمرور الوقت، خصصي وقتاً لممارسة أي نوع من الرياضة، خصصي وقتاً لقضاء بعض أعمال البيت، خصصي وقتاً للعبادة، وهكذا.

مفهوم توزيع الوقت والاستفادة منه بصورة صحيحة يجعل الإنسان يحس بفعاليته وقيمته.

هنالك الآن دراسات تفيد أن الذين ينخرطون في الأعمال التطوعية والأعمال الاجتماعية وأعمال البر والإحسان تزداد ثقتهم بأنفسهم لدرجة كبيرة، وبما أنه لا عمل لك فلماذا لا تناقشي مع أهلك وتطرحين عليهم هذا الاقتراح بأنك تريدين أن تنضمي لأي جمعية نسوية تشارك في الأعمال الاجتماعية والأعمال الخيرية، هذا أيضاً أمر ممكن وأعرف أنه متيسر في المملكة العربية السعودية، وتوجد مراكز لتحفيظ القرآن ونشاطات اجتماعية كثيرة تناسب المرأة موجودة هنالك فأرجو أن تستفيدي من ذلك.

نحن لا ندعوك لأن تنسي الماضي، فأنت تقولين أنك تودين أن تنسي الماضي، لماذا؟ ماضيك ليس بالسوء الذي تطالبين فيه بألا تتذكريه أبداً، الحياة دائماً فيها ما هو إيجابي وما هو سلبي، هنالك نجاحات وهنالك إخفاقات، وكما قال أحد العلماء (الماضي هو عبارة عن تجارب) وليس بالمفيد أبداً أن ننظر لما نعتقده أنه إخفاقات كفشل، هذه مجرد تجارب يجب أن نضيفها إلى بنك التجارب لدينا وليس أكثر من ذلك، ومن خلال هذه التجارب والاستفادة منها يستطيع الإنسان أن يبني حياة جديدة وطيبة فيعيش الحاضر بقوة ويعيش المستقبل بأمل ورجاء، وبأهداف واضحة، وأنت لابد أن تعطي الانطباع الإيجابي عنك، فأنت فتاة ولا شك أنه من أمنياتك الإقدام على الزواج وأسأل الله تعالى أن يهيئ لك وأن ييسر لك الزوج الصالح، ويجب ألا تترددي أبداً إذا تقدم لك أحد الشباب خاصة من أصحاب الخلق والدين، ولا تنظري لنفسك نظرة سلبية غير مجدية وغير مفيدة.

بقي بعد ذلك أن أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة للقلق وللخوف، والتي تساعد أيضاً في علاج الاكتئاب النفسي، وأنت بالطبع لا تعانين من اكتئاب نفسي حقيقي، ولكن هذه المخاوف وهذه العزلة وعدم التفاعل جعلك تصابين بنوع من الكدر يمكن أن نسميه اكتئاباً من الدرجة الثانية أو اكتئاباً ثانوياً.

من الأدوية الجيدة والممتازة والمتوفرة في المملكة العربية السعودية عقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline) هو من الأدوية المفيدة ومن الأدوية السليمة جدًّا، فهو غير إدماني وغير تعودي ولا يؤثر على الهرمونات النسوية ولا يؤثر على أي من الأعضاء الرئيسية في الجسم، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، ويفضل أن تتناوليه بعد تناول الطعام، استمري على جرعة حبة واحدة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبتين (مائة مليجرام) في اليوم، وسوف تكون هذه جرعة كافية بالنسبة لك، علماً بأن هذا الدواء يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، ولكنك لست في حاجة إلى هذه الجرعة.

استمري على جرعة حبتين في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم إلى حبة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

أرجو أن تأخذي بكل ما أتى في هذه الاستشارة بأن تعيدي تقييم نفسك وبأن تتفهمي ذاتك تفهماً صحيحاً، وبأن تقومي بآليات معينة كما ذكرناها لك من إدارة وقت وتواصل اجتماعي وتفكير إيجابي وتطوير المهارات الاجتماعية وتناول الدواء الذي وصفناه لك، وبإذن الله تعالى سوف تجدين أن حالتك قد تغيرت بصورة إيجابية، ولابد أن تسعي سعياً حثيثاً لأن تصلحي ما بينك وبين إخوتك، فهم أولى بالمعروف، وإن شاء الله أنت مأجورة على ذلك، ولا شك أن صبرك على إخوانك هو من صلة الرحم التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو قرابته وقال: (أصلهم ويقطعونني وأحلم عنهم ويغضبون علي).. إلى آخر الحديث الشريف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الأرق ومجموعة أعراض باطنية؟ 905 الأحد 16-08-2020 06:13 صـ
أنا منهارة تماما، وأحتاج لدواء نفسي! 942 الأحد 16-08-2020 04:09 صـ
تشوش الأفكار والقلق ما علاجها؟ 816 الأحد 16-08-2020 01:42 صـ
أعاني من القلق ولا أدري ما سببه؟ وكيف يمكن علاجه؟ 674 الأحد 16-08-2020 02:32 صـ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1599 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ