أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : مرض الفصام والاكتئاب المصاحب .. نظرة طبية

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله.
أما بعد:

فشكري لأفراد الطاقم، فإني مريض بمرض الفصام لمدة ستة أعوام، ولقد قرأت عدة مواضيع تتعلق بهذا المرض، وقد استعملت أدوية لهذا المرض منها السروكيل 300مج وزبريكسا 10مج مرتين في اليوم، وعندما زال عني ذلك الإحساس بأن الكل يعرف ما يدور بعقلي من بعد التعايش 3 سنوات على هذا الحال عدت مكتئبا لا أتذوق شيئاً في هذه الحياة، ولا أعرف قيمة الأشياء مهما تعاظمت (سواء كانت تفرح أم تحزن)، وتكاثرت الوساويس في العقيدة وغيرها، وكأن شيئاً يريد تغيير أخلاقي، وعاد عقلي يفكر في أفكار بليدة وغير أخلاقية.

والمشكلة هي أنني أحس أن الناس يعرفون ما يفكر فيه عقلي (ذلك من ردود أفعالهم)، وهذا الإحساس منطبق على أفكاري.

ولي سؤال آخر: أريد أن أعرف ما الذي يجعل المريض يصدق أن الناس يعلمون ما يفكر به، أو بأنهم يتكلمون عنه في التلفاز وغيره؟ وجزاكم الله خيراً.

أردت أن تكون إجابتكم ليست إجابة علمية مثلاً (ذلك من إفرازات السروتونين أو خلل كميائي)، بل جواباً من مريض قد شفي (صاحب تجربة)، وأن ترسلوا إلي عنوان بريد لمريض كي نتناقش في بعض الأشياء الغامضة فهمها في هذا المرض الذي أوصلني إلى الانتحار عدة مرات.

وأخيراً أشكركم كثيراً، وأرجو أن لا يكون كلامي غير مهذب؛ لأني في حالة غضب ويأس شديد، وأرجو أن تجيبوني قريباً بحول الله وسامحوني، وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى أن يديم عليك وعلى جميع المسلمين نعمة الصحة والعافية.

فإن الأعراض التي ذكرتها وهي: الاعتقاد بأن الآخرين يقومون بقراءة أفكارك أو الاطلاع عليها، أو أن التلفزيون يُشير إليك أو إلى مريض آخر حقيقة، فهذه من صميم الأعراض الانفصامية، وبفضل الله تعالى الآن أصبحت الأدوية المتاحة تتحكم في هذه الحالات بصورة جيدة جدّاً.

لأجيب على سؤالك وهو: لماذا يُفكر المريض بهذه الطريقة؟
هذا بلا شك سؤال كبير وسؤال هام، وأكون صادقاً معك لا تتوفر إجابة كاملة لهذا السؤال حتى الآن؛ لأن هناك عدة نظريات، لكني لا أريد أن أتحدث عن النظرية البيولوجية والتي تتحدث ليس عن إفراز السيروتونين Serotonin، وإنما تتحدث عن إفراز الدوبامين، لا أريد أن أتحدث عن هذه النظرية لأنها نظرية معروفة، وأنت لا تريد أن نأخذ هذا الأمر من هذا المنحى.

الآن اتضح بواسطة نوع من الصور الخاصة جدّاً - التي تعتمد على تكنولوجيا الطنين المغناطيسي – أن الإنسان حين تأتيه هذه الأفكار تحدث نشاطات فسيولوجية كبيرة في أماكن معينة من المخ، كما أن سرعة تدفق الدم تزداد واستهلاك الجلوكوز أو السكر بواسطة خلايا هذه المنطقة المتأثرة تزداد.. إذن هنالك أساس بيولوجي لهذه الحالات.

ومن الأشياء التي نراها اكتشاف جيد - ربما يفتح بصيرة العلماء بصورة أفضل لمعرفة حقيقة هذا المرض – وجد أن المريض الذي يعاني من هلاوس سمعية أو يعتقد أن الآخرين يشيرون إليه أو أنهم يتكلمون مع بعضهم البعض عنه، وجد أن الشخص حين تأتيه هذه الأفكار هنالك نشاط زائد جدّاً في مركز الكلام لديه، وهذه المنطقة في المخ تسمى بـ (منطقة بُرُوكَس).

إذن: هذا مؤشر آخر على أن الأمر أو النظرية البيولوجية هي النظرية الأقوى والتي - إن شاء الله تعالى – بمزيد من الأبحاث سوف تجعل العلماء يتوصلون إلى تفاصيل أكثر حول هذا المرض. لا توجد أي تفسيرات أخرى.

أرجع إلى حالتك مرة أخرى، وهي أنك أصبحت مكتئباً ولا تتذوق طعم الحياة وهكذا .. هذا معروف وهو يسمى (اكتئاب ما بعد الفصام) أو الاكتئاب المصاحب للفصام، وقد فسره العلماء بأن الإنسان حينما يكون مستبصراً لحالته - بالرغم من أن هذا الاستبصار هو أمر مفيد وأن يكون الإنسان مرتبطا بالواقع هذا يدل أن هذا المريض في وضع أفضل من غيره - هذا الاستبصار في حد ذاته قد يؤدي إلى نوع من الاكتئاب، ويبدأ المريض في خواطر ووساوس سلبية جدّاً تجعله على مستوى العقل اللاشعوري أو الباطني، أو حتى العقل الظاهري والشعوري، يعتقد أن حالته مستعصية ولن تُشفى – وهكذا – وهذا يدفعه إلى الاكتئاب.

في السابق كان يعتقد أيضاً أن الأدوية القديمة مثل (هلوبربادول Haloperidol)، بالرغم من أنها قد تُحد من الأفكار الفصامية ولكنها قد تؤدي إلى اكتئاب في حد ذاتها. لذا التوجه الآن أن هذه الأفكار يجب أن تعالج بالأدوية المضادة للاكتئاب وللوساوس، وقد وجد أن عقارا تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) متميز جدّاً في علاج مثل هذه الحالات، فأنا أنصحك على ضوء ذلك أن تتناول الفافرين بجرعة مائة مليجرام ليلاً.

ابدأ بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام، مع الاستمرار على أدويتك المعهودة ومنها الزبريكسا والذي أعتبره دواءً وعلاجاً رائعاً، فقط يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى زيادة في الوزن، وهذه بالطبع يمكن التخلص عنها بالتحكم وممارسة الرياضة.. هذا هو الجانب الدوائي.

يبقى هو أن تعيش حياتك بصورة طبيعية بقدر المستطاع، وأن تؤهل نفسك للعمل، فأنت الآن لا تعمل لكن سوف يكون من المفيد جدّاً أن تنخرط في أي نوع من العمل، وأيضاً اللجوء إلى العمل التطوعي، وإذا كنت في قطر فبفضل الله تعالى في قطر توجد مجالات كبيرة جدّاً للعمل التطوعي من خلال الجمعيات الخيرية ومركز قطر للعمل التطوعي، هذا سوف يكون مفيدا لك جدّاً، وهذا نوع من التأهيل المهني الذي يطور من مهارات الإنسان ويرفع من كفاءته المعرفية والاجتماعية، وهذه من الوسائل الضرورية جدّاً لمحاربة أو التقليل من التبعات السلبية التي قد يسببها مرض الفصام.

حقيقة أنا أرى أن حالتك - إن شاء الله تعالى – بخير، وبتفهمك لحالتك وتناولك للأدوية التي وصفتها لك سوف تقل هذه الوساوس والظنان الذي ربما ينتابك من وقت لآخر.

أما بالنسبة للتواصل مع مريض آخر، فهذه فكرة طيبة، وحقيقة الضوابط المهنية الأخلاقية لا تسمح لنا مطلقاً بأن نعطي عناوين أو تليفونات مرضى آخرين؛ لأن هذا من خصوصياتهم، ولكن أعتقد أنه يمكنك بما أنك تعيش في قطر أن تراجع العيادة الخارجية، ولا مانع أن تناقش هذا الأمر مع طبيبك، حيث إن بعض الأطباء يمهدون لأن يلتقي المرضى مع بعضهم البعض، وهذا نوع من العلاج الجماعي الجيد جدّاً، هذا العلاج الجماعي يتيح للإخوة الذين يعانون من مثل هذه الحالة بأن يتبادلون الأفكار ويقيمون حالاتهم ودرجة التحسن التي وصلوا إليها، وهذا في حد ذاته يزيد من الاستبصار ويزيد من التعاضد بين الناس، مما يقلل من الآثار السالبة لهذا المرض.

بقي أن أقول لك: عليك بطرد هذه الأفكار الانتحارية التي قد تأتيك من وقت لآخر، فأنت رجل مسلم وأنت رجل مؤمن، وهذا الابتلاء - إن شاء الله تعالى – هو من الابتلاءات البسيطة، وأنت مستبصر، والحياة لها قيمة ولها معنى، وإذا نظرت لحياتك سوف تستكشف أنه بالرغم من معاناتك مع هذه الحالة إلا أنه توجد أشياء جميلة وإيجابية جدّاً في حياتك.

أنصحك أن تتواصل مع إخوتك في المسجد، والصلاة في جماعة هي من الضروريات التي يجب أن نلتزم بها، وفي نفس الوقت تتيح لنا أن نلتقي بالأخوة الخيرين حيث الطمأنينة وحيث الراحة النفسية، فحاول دائماً أن تلتقي بإخوانك في المسجد، تعرف على إمام المسجد، لا شك أنه سوف يكون سنداً لك وسوف تجد منه كل مساعدة فيما يخص هذه الأفكار السالبة.

أشكرك كثيراً، وأؤكد لك أن كلامك في غاية التهذيب وهو كلام يدل أنك تبحث عن المعرفة. لا تغضب، ولا شيء يدعوك لليأس فالحياة جميلة، وأنا أسأل الله لك العافية والشفاء، ويسعدنا كثيراً هذا التواصل وهذه المشاركة من خلال هذا الموقع المبارك.

ولعلاج وساوس العقيدة سلوكياً يرجى الاطلاع على هذه الاستشارات (244914 - 260030 - 263422 - 259593 - 260447 - 265121).

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أعاني من أعراض نفسية، هل أنا مصاب بالفصام؟ 1469 الأحد 28-06-2020 02:44 مـ
أشك بأني مصابة بالفصام.. 2302 الاثنين 27-04-2020 03:41 صـ
أعاني من الفصام.. وأريد علاجا يساعدني 2459 الثلاثاء 21-04-2020 04:52 صـ
هل أنا مصاب بالفصام؟ 5628 الأربعاء 12-02-2020 04:14 صـ
أخي انغلق على نفسه وأصبح انطوائيا، ولا يرى نفسه مريضا! 3889 الأحد 09-02-2020 01:03 صـ