أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : إرشادات سلوكية للتخلص من نوبات القلق النفسي الشديد المصحوب بضيق في الصدر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبلغ من العمر واحداً وأربعين عاماً، متزوج ولدي أطفال ولله الحمد، وأحب الاجتماع بالناس، وأجيد العمل الموكل إلي، وطبيعتي أني حساس وأتأثر من أي موقف، وقد أصبت بحالة هلع إثر مواقف سابقة في مجال عملي وأخشى أن تتكرر، هذا بالإضافة أني أتأثر بأي موقف يضايقني، وقد أحسست بخوف وضيق في الصدر وصعوبة في النوم وقلق وتفكير أتعبني كثيراً، وأصبحت أكره العمل، وأشعر أني فقدت الثقة في نفسي.

وقد ذهبت إلى طبيب نفسي فأعطاني دواء (سبراليكس) حبة واحدة يومياً، وقد تحسنت حالتي ولله الحمد، لكني عندما أتعرض لموقف بسيط أتأثر وأحس بضيق وتوتر، وأحياناً خوف يستمر أكثر من يوم، وما زلت قلقاً في عملي وأخشى من تكرار التجربة الصعبة التي مرت علي، علماً بأني أتناول علاج سبراليكس حبة واحدة يومياً منذ شهرين، فما نصيحتكم؟

وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن التجربة أو الخبرة السابقة التي اكتسبتها وهي حالة الهلع هي مجرد نوع من القلق الشديد الذي أصابك، ومهما كانت الأسباب فلابد أن يكون في الأصل لديك الاستعداد للقلق والتوتر والمخاوف، والأعراض التي ذكرتها في رسالتك كلها تدل على أنك عرضة في الأصل للقلق، ويظهر ذلك في شكل خوف وأعراض جسدية كالضيقة في الصدر واضطرابات النوم.

وكراهيتك للعمل هي ناتجة من تولّد نوع من الكدر أو عسر في المزاج البسيط، وهو أمر شائع يصاحب القلق والخوف والهلع، خاصة بعد عمر الأربعين، والحمد لله أنك استفدت كثيراً من الدواء، ويبقى لاكتمال الصورة العلاجية بصورة صحيحة هو أن تأخذ بالإرشادات السلوكية التالية:

أولاً: يجب أن تتفهم الحالة، وهي مجرد قلق وليس أكثر من ذلك، ولا تدل أبداً على ضعف شخصيتك أو قلة إيمانك، هذا قلق والقلق طاقة مطلوبة لتدفع الإنسان نحو الأداء الحسن والنجاح والمثابرة، ولكن حين تزيد تؤدي إلى مثل الأعراض التي أصابتك، فتفهمك للحالة ضروري لأنه يساعد في العلاج، وهذه الحالات غالباً ما تنتهي تلقائياً لدى بعض الناس.

ثانياً: من الضروري أن لا تتهيب ولا تتخوف المواقف التي تتطلب أي نوع من المواجهة؛ لأن التجنب والابتعاد يؤدي إلى مزيد من الخوف والانعزال، وقد وجد أن المواجهة أو ما نسميه بالتعريض – أي أن يعرض الإنسان نفسه للموقف الذي يحس فيه بالخوف – هذا التعرض يزيد من القلق والتوتر في بداية الأمر، ولكن باستمرار التعريض والإصرار على هذا الموقف يبدأ بعد ذلك القلق في الانحسار حتى ينتهي تماماً.

ونصيحتي لك أن تجعل لنفسك برامج يومية لا تقل عن ثلاثة برامج تصر فيها أن تعرض نفسك لمواقف تواجه فيها الآخرين، وذلك من خلال الزيارات ومن خلال المشاركة في حلق التعليم وأي نشاطات أخرى، هذا يجعلك تكون في وضع المواجهة والتعريض هو العلاج الأساسي لمثل هذه الحالة.

وهناك من ينصح ما يسمى بالتعريض في الخيال، وهذا يتم بأن تجلس في مكان هادئ وتتخيل نفسك أنك في مواجهة شخص من أعيان المجتمع أو صاحب شأن ووظيفة وكان من المطلوب منك أن تناقش معه موضوعاً معيناً، فعش الخيال بتفاصيل كاملة، ويجب أن يكون هذا الخيال لمدة عشر إلى خمس عشرة دقيقة، ثم انقل نفسك إلى خيال آخر مثل أنه قد طُلب منك بأن تصلي بالناس في المسجد صلاة الجماعة، هذا موقف اجتماعي ربما يكون ليس بالسهل في حالتك، ولكنه إذا عشته بتفاصيله وعرضت نفسك للخيال سوف تجد أن الخوف ابتدأ يقل كثيراً.

تصور أنك في مجمع تجاري كبير وحصلت مشكلة بين البائع وأحد الزبائن وقمت أنت بالتدخل وإصلاح الأمر، تصور أنه قد طُلب منك أن تقدم عرضاً حول وظيفتك وقد طلب منك أن تقدم هذا العرض لكل العاملين في المؤسسة الحكومية التي تعمل بها، وهذا علاج وله أسسه العلمية إذا طبقته بجدية مع التطبيق العملي لهذه المواجهات والتعريض سوف تجد -إن شاء الله- فائدة كبيرة جدّاً.

أود أن أنصحك بأن تمارس الرياضة – أي نوع من الرياضة – خاصة رياضة المشي أو الجري، والمشي سوف يساعد في مثل عمرك لأنه أسلم وأفضل، وهو بجانب المنفعة الصحية والجسدية يمتص طاقات القلق والضيق والخوف، فأرجو أن تجعل لنفسك برنامجا رياضيا وسوف تستفيد من خلاله.

وتوجد أيضاً تمارين سلوكية نسميها بتمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس، سوف تكون جيدة إذا التزمت بتطبيقها، وهي تمارين بسيطة، ولتطبيقها: أجلس على كرسي مريح في غرفة هادئة وبإضاءة خافتة أو اضطجع على السرير، وتأمل بعد ذلك في أي موضوع سعيد وطيب، أغمض عينيك وافتح فمك قليلاً، ثم خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلئ بالهواء، وبعد ذلك أمسك على الهواء قليلاً، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم بكل قوة وبكل بطء.

كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوعين على الأقل، ثم بعد ذلك يمكنك أن تمارسه عند الحاجة، فهذه إرشادات ضرورية ومفيدة أرجو تطبيقها.

وأما العلاج الدوائي، فإن (السبرالكس Cipralex) دواء ممتاز، وأنت الآن تتناوله منذ شهرين ولم تذكر الجرعة، فقط قلت حبة واحدة؛ لأنه توجد حبة من فئة عشرة مليجرام وحبة أخرى من فئة عشرين مليجراماً، نحن نقول أن جرعة البداية لمدة شهر أو شهرين هي عشرة مليجرام، ولكن الجرعة العلاجية يجب أن تكون عشرين مليجراماً، وعليه أنصحك بأن ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً يومياً، تناولها ليلاً، واستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر.

هذا التقسيم مبني على الأسس العلمية التي تقتضي أن يبدأ الإنسان بجرعة البداية ثم ينتقل إلى الجرعة العلاجية ثم إلى الجرعة الوقائية، وبفضل الله تعالى السبرالكس يعتبر من الأدوية السليمة، وفي بعض الحالات ننصح بإضافة علاج مساعد مثل عقار يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) أو عقار يعرف تجارياً باسم (بسبار Buspar) ويعرف علمياً باسم (بسبرون Busiprone)، فأعتقد أنك إذا أضفت الفلوناكسول للسبرالكس هذا سوف يعجل -إن شاء الله- بالشفاء؛ لأن الفلوناكسول يدعم فعالية السبرالكس وبجانب ذلك هو من الأدوية الفعالة لعلاج الضيقة النفسية.

فتناول الفلوناكسول بجرعة حبة واحدة - وقوة الحبة هي نصف مليجرام – تناولها يومياً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول هذا الدواء، فهذه هي الطريقة الصحيحة لتناول الأدوية، وقد سردت لك بعض الإرشادات أرجو أن تلتزم بها، وتذكر أنك رجل تملك كل أسباب الاستقرار ولله الحمد، فأنت لديك الزوجة ولديك الذرية وتحب الاجتماع بالناس ومجيد في عملك، وهذا من فضل الله تعالى عليك.

وأما بالنسبة لكونك حساساً وتتأثر من المواقف، فنحن نقول أن القلب الرحيم خير من القلب القاسي، وندعوك لأن تعبر عن مشاعرك ولا تدع الأشياء حبيسة صدرك وتكتم وتتكاثر داخل نفسك، بمعنى أن تعبر عن نفسك أولاً بأول خاصة في الأمور التي لا ترضيك، هذا نوع من التفريغ النفسي الذي يساعد في تقليل الحساسية النفسية وسرعة التأثر، ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على كيفية التخلص من الهلع سلوكياً في الاستشارة التالية: (278994)، نسأل الله لك العافية والشفاء.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أعود إلى حياتي الطبيعية وأتخلص من الهلع؟ 1643 الأحد 16-08-2020 02:03 صـ
ما هي أدوية نوبات الهلع والخوف الآمنة وغير الإدمانية؟ 8739 الأربعاء 12-08-2020 03:54 صـ
الأعراض التي تعاني منها زوجتي نفسية أم جسدية؟ 1151 الأحد 09-08-2020 05:24 صـ
أعاني من ضيق التنفس وحالتي تشتد بالليل.. هل حالتي نفسية؟ 1707 الأحد 09-08-2020 04:31 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3859 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ