أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : عدم القدرة على التحدث أمام الناس أو الصلاة بهم في جماعة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا رجل أبلغ من العمر 36 سنة وأعاني من الخوف (الرهاب الاجتماعي ) حيث أنني لا أستطيع أن أتحدث أمام الناس أو القيام بعمل محاضرة أو درس لمجموعة من الناس أو التوعية أمام أولياء الأمور، وعندما أصلي بالناس أحس بخوف ورعشة في جسمي وأتحاشى أن أصلي بالناس، أنتظر حتى تقام الصلاة في المسجد ثم أذهب، وعندما أتحدث عيوني تكاد تدمع، حتى الأشخاص الذين أتحدث أمامهم يرون الدموع في عيني وكأني أود أبكي!

كما أنني أحس بضيق في التنفس، وكأن شيئاً كابتاً على صدري، وعندما يعطس في المسجد أحد أو يتحمحم فتجدني أفزع.

هذا الأمر عمل لي عقدة، فطلابي يصدرون بعض الأصوات ويتعمدون ذلك وتجدني أرتبك أو أفزع، مع العلم أني أحب العمل الاجتماعي وأحب أن أتحدث مع الناس واجتماعي بطبعي ومرح وأحب المزاح وأحاول أن أقرأ في هذا الشأن وأطبق بعض الأشياء على نفسي، وأحاول أن أتكيف مع هذا الأمر ولكن الخوف يسيطر علي وأخاف من المستقبل، وكلي أمل أن يأتي يوم وأن أتحدث أمام الناس كمحاضر أو أصلي بهم بدون خوف أو رجفة أو تردد وأزيل هذا الخوف من نفسي ويلازمني منذ طفولتي، ربما التربية التي تربيت عليها من قسوة كان لها الأثر في ذلك، كما أتذكر قسوة أبي وأمي والأشياء السلبية التي حدثت معي في الماضي، كثيراً ما أفكر بأشياء سلبية في نفسي وأترك الأشياء الإيجابية ( تفكير سلبي ) ودائماً غير راضٍ عن نفسي ومؤثر في نشاطي اليومي.

فجزاكم الله خيراً، إذا كان يوجد هناك علاج سلوكي أو دوائي لهذا المرض فأغيثوني به وادعوا لي بالشفاء حتى أقوم بعملي على أكمل وجه وأرضي الله أولاً ونفسي أو ذاتي ثانياً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله تعالى لك الشفاء والعفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

فإن الذي سردته من أعراض يشير أنك تعاني من القلق الاجتماعي، وحين نقول القلق الاجتماعي نوضح بذلك أن الرهاب الاجتماعي ما هو إلا نوع من القلق النفسي.

أود أن أركز على نقطة هامة جدّاً وهي ألا تبحث كثيراً في أسباب الرهاب الاجتماعي؛ لأن هنالك عدة نظريات أفضلها النظرية التي تقول أن الرهاب الاجتماعي هو أمر مكتسب وليس أكثر من ذلك، وليس من الضروري أن تكون هنالك أي صعوبات في الطفولة حتى يحدث هذا الخوف أو هذا الرهاب.

أنا بذلك أريدك ألا تتخذ هذا الموقف السلبي حيال والديك، لا أريدك أن تعتقد أن والديك كانا يقسوان عليك، هي مناهج تربوية يختلف الناس في تطبيقها، فالآباء والأمهات لديهم عطف وحب ومودة غريزية وجبلية لأبنائهم، فأرجو ألا تضع نفسك أسيراً لهذا النوع من التفكير، لأنني أيضاً أريد أن تكون نظرتك إيجابية نحو والديك، وفي نفس الوقت تتخلى عن هذا النوع من التفسير الذي لا أره مجدياً.

أنت ملم بعلتك تماماً، وأستطيع أن أقرأ بين السطور أنك قد أشرت إلى وسائل العلاج، فأنت تتحدث عن التفكير السلبي وأنك تترك التفكير الإيجابي، فإذن يجب أن تصحح المسار، فالإنسان هو الذي يغير نفسه، ضع هذه الأفكار السلبية جانباً واستبدلها بأفكار إيجابية؛ لأن الأفكار الإيجابية هي التي سوف تريحك، وهي الأفضل وهي الأجمل بالنسبة لك، فلماذا لا تحقر الفكر السلبي، وتحرر نفسك منه وتستبدله بفكر إيجابي، يجب أن يكون لك العزيمة والتصميم حيال هذا، وهذا من أهم أنواع العلاج السلوكي المعرفي.

ثانياً: وجد أن معظم مرضى القلق والرهاب الاجتماعي لديهم بعض المفاهيم الخاطئة حول الأعراض التي تنتابهم، بمعنى أن يكون الواحد منهم مستشعراً لأعراضه بقوة وشدة لا تطابق الواقع، الذين يعانون من هذه العلة يعتقدون أنهم يتلعثمون في الكلام أو يرتجفون أو سوف يسقطون، وحين تم تصويرهم بالفيديو دون علمهم وهم في مواقف اجتماعية تتطلب المواجهة اتضح أن أعراضهم أقل كثير مما كانوا يتصورون، إذن يجب أن تكون هذه بشارة سلوكية مهمة جدّاً بالنسبة لك وتكون دافعاً لك نحو التحسن.

ثالثاً: العلاجات السلوكية الأخرى هي أن تكون حريصاً وتطبق أي نوع متيسر مما يعرف بتمارين الاسترخاء، هنالك تمارين التنفس المتدرج وتمارين قبض العضلات واسترخائها، فأرجو أن تتحصل على أحد الأشرطة التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، أو الاستعانة بأخصائي نفسي – وليس طبيباً نفسياً - ليقوم بتدريبك عليها.

رابعاً: من العلاجات المهمة والضرورية والفعالة - وأنت رجل ـ الحمد لله ـ لديك توجه إسلامي واضح – من هذه الطرق التي تساعدك هي الالتزام القاطع بحضور المشاركة في حلقات تلاوة القرآن الكريم؛ لأن هذه الحلقات هي وسيلة لتطوير المهارات الاجتماعية وإزالة الخوف والرهبة، وهذا أثبت تماماً، فأرجو أن تشارك في هذه الحلقات القرآنية.

خامساً: سيكون من المفيد لك أيضاً أن تمارس أي رياضة جماعية، حيث تختلط وتتفاعل مع إخوانك بصورة مباشرة وغير مباشرة، وهذا يؤدي إلى زوال الخوف.

سادساً: الانضمام والعمل الجاد في أحد الجمعيات الخيرية – جمعيات البر والإحسان – يعطيك الشعور بالطمأنينة ويرفع لديك قيمة الشعور بقيمة ذاتك، وهذا في حد ذاته يقلل هذا الخوف.

سابعاً: من المهم جدّاً أن تحقر فكرة الخوف – وهذا أيضاً علاج معرفي – : (لماذا أخاف؟ فأنا لست أضعف من الآخرين ولست أقل منهم، لماذا لا أتمثل للذين يخطبون لساعات أمام آلاف الناس، لماذا لا أكون مثل أئمة الحرم الذين فتح الله عليهم فهم يؤمُّون الناس في الحرم ويسمعهم ويشاهدهم ملايين الناس حول العالم) عش هذا الخيال بقوة وبجدية، وأنا أؤكد لك أنه ذو قيمة علمية.

ثامناً: يبقى أن تكتب في ورقة كل الأوضاع والظروف التي تحس فيها بالرهبة والخوف، وابدأ في المواجهة لهذه المواقف واحدا تلو الآخر، ابدأ بالأقل ثم الأكثر ثم الأكثر.

والمواجهة أو التعريض ومنع الاستجابة السلبية هو القانون الذهبي لعلاج الخوف والرهاب.

أنت معلم وهذه من نعم الله عليك، وهذه المهنة تتطلب المواجهة وأنت لديك المقدرة على ذلك، وتذكر أنك في الأصل إذا لم يكن لك المقدرة لما استطعت الاستمرار في هذه الوظيفة.

عرض نفسك في الخيال لمواقف الخوف - كما ذكرت لك – فتأمل مثلاً أنك تؤم الناس في المسجد، أو تأمل أنك تخطب في الناس في جمع كبير، عش هذا الخيال لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة، عشه من بداية تفاصيله حتى نهايته، واعرف أن الذي نتحدث عنه هو علاج سلوكي.

يبقى بعد ذلك أن أصف لك أحد الأدوية التي تفيد كثيراً في علاج مثل هذه الحالات، ـ والحمد لله تعالى ـ الأدوية الحديثة فعالة وجيدة وممتازة، والدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف يسمى تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام (حبتين) يومياً ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، وهذه هي الجرعة الوقائية، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحد كل يومين لمدة شهر، وهذه الأخيرة كنوع من الضمان للتوقف التدريجي عن الدواء، وكما ذكرت لك هذا الدواء دواء سليم وفعال جدّاً، فأرجو أن تتناوله بانتظام والتزام وأن تطبق التمارين السلوكية التي أشرنا إليها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية عن علاج الرهاب وعدم القدرة على الكلام سلوكياً 259576 - 261344 - 263699 - 264538، الخوف من الإمامة: ( 260852 )
وبالله التوفيق.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1667 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1233 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2326 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1649 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3525 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ