أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : (عصاب ما بعد الإصابة) الناتج عن العيش في بعض مناطق الحروب والكوارث

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد عاش أهلي فترة الحرب في لبنان، ولذلك فإن لديهم الخوف من هول الحرب، ولديهم كثير من الأمراض النفسية كالقلق والتوتر وعدم الراحة والخوف حتى في الأمور البسيطة العادية، وقد أثر ذلك علي بشكل كبير، حيث لدي خوف دائم ولا أستطيع التحكم في شيء وأخاف أن أتخذ أي قرار، وأصبح لدي نوع من الرهبة من فعل أشياء بسيطة كالزيارات والسفر والدراسة والتحدث مع الأقارب.

وقد تطور الأمر فصرت لا أثق بأي شيء أفعله، وصرت أشعر بالتعب والإحباط سريعاً، وإذا صليت فإنني أظن أن صلاتي غير مقبولة، فأحياناً أكمل صلاتي وأحياناً أقوم بتأجيلها، ولي قريبة لا تعاملني معاملة طيبة رغم أنها ليست شريرة، وهذا يسبب لي تعباً بيني وبين نفسي لتفسير معاملتها لي، وأقول أحياناً: ما الفائدة مني؟ لا أعرف الصلاة جيداً وأشك بكل فعل أفعله، وليس عندي شهادة دراسية جيدة، والناس لا يحبون صحبتي ولست اجتماعية، فانصحوني.

وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع. ا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن المناطق التي تحدث فيها الحروب والكوارث أو عدم الاستقرار والفوضى الاجتماعية يكون فيها الناس عرضة للكثير من الضغوط، وقد ينتهي بهم الأمر إلى ما يعرف بـ(عصاب ما بعد الإصابة)، ويقصد بكلمة عصاب أنه نوع من القلق الخاص الذي يأخذ الطابع الوسواسي، بمعنى أن تتكرر الأفكار القلقية، ويستعيد الإنسان ذكريات مؤلمة حدثت له أثناء عدم الاستقرار أو أثناء الكارثة أو حتى في طفولته المبكرة، ويكون هناك أيضاً عدم ارتياح في النوم وفقدان الطاقة النفسية وفقدان الطاقة الجسدية، فهذه حالة تشخيصية معروفة.

وأعرف الكثيرين من أهل لبنان أصيبوا بهذه الحالة، لأنني أتواصل مع بعض الزملاء الأطباء النفسيين في لبنان، ولكن في ذات الوقت فإن الروابط الاجتماعية الجيدة والتواصل ما بين الناس والدعم الأسري الداخلي وتمسك الناس بعقيدتهم والشعور دائماً بالأمل هي وسائل للتخفيف من هذا النوع من العصاب أو القلق النفسي الخاص في وضعية وسبب معين.

والدراسات الأولى أشارت إلى أن هذا النوع من العصاب يؤدي إلى تغيرات في داخل المخ في مناطق معينة، حيث يحدث هناك نوع من قلة التواصل فيما بين الخلايا، وهذا يؤدي إلى ظهور هذه الحالة النفسية، ولكن بمرور الوقت وتناول علاجات معينة ترجع الأمور إلى طبيعتها تماماً.

والدراسات الأولى تمت على ضحايا الاغتصاب، فالأشخاص الذين تعرضوا لذلك تمت الدراسات عليهم، وهذه بالطبع تجربة نفسية مؤلمة وكارثة، فكانوا هم أكثر الذين حدثت لهم مثل هذه الحالة النفسية، ثم بعد ذلك أتت دراسات من مناطق الحروب وأيضاً بعد نشوب الحرائق الكبيرة.

وعموماً فإن الحالة التي وصفتها مطابقة تماماً لعصاب ما بعد الإصابة أو عصاب ما بعد الحدث، ولديك جوانب وسواسية كثيرة خاصة فيما يتعلق بالصلاة وأن صلاتك لن تقبل، فأصبحت حساسة جدّاً حيال تلك الأمور، وأصبحت تقللين من قيمة ذاتك بصورة واضحة، كما أن الحساسية المفرطة أثرت عليك، خاصة فيما يخص التعامل مع قريبتك، وأعتقد أن حساسيتك وإفراطك في مراقبة نفسك هي التي جعلتك تتصورين أن هذه العلاقة أصبحت سلبية، وربما يكون هناك شيء من السلبية في العلاقة، وربما تكون هناك مساهمة من جانبك ومساهمة من جانبها، فأنصحك بأن تحاولي معاملتها بالتي هي أحسن، وأن تكوني أنت البادئة وأنت المقدمة على المعاملة الطيبة حيالها، والتبسم في وجهها يعتبر أمراً جيداً وهو صدقة لك، ولا مانع من أن تفاتحيها وتتكلمي معها في ذلك.

ولابد لك من صحبة الخيرات من النساء، فإن الإنسان يحتاج لمن يأخذ بيده في أمر العبادة ويحتاج لمن يسانده ويحتاج لمن يناصحه، ولابد أن تنمي من شبكتك الاجتماعية وأن تنمي من التواصل، وأن تتخلصي من هذه الأفكار السلبية والتقييم السلبي لنفسك، فإن الثقة في النفس أمر مطلوب، وقد ذكرت الجوانب السلبية فقط في حياتك ولم تنظري للجوانب الإيجابية، وأنا على ثقة كاملة أنك إذا قمت بإعادة تقييم ذاتك سوف تجدين أنك تقومين بأشياء إيجابية كثيرة جدّاً، فأرجو أن تستبدلي الفكر والفعل السلبي الذي يسيطر عليك بما هو إيجابي.

وهناك دراسات ممتازة من مراكز علمية معتبرة تشير إلى أن هناك أحد الأدوية المعينة، وهذا الدواء يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجارياً أيضاً باسم (لسترال Lustral) ويعرف علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، فهذا الدواء له فعالية خاصة لعلاج أعراض عصاب ما بعد الإصابة، وهو في الأصل دواء مضاد للاكتئاب، ومضاد للقلق ويساعد أيضاً في علاج الوساوس القهرية، ولكنه اتضح أنه أفضل علاج لعلاج أعراض عصاب وقلق ما بعد الإصابة، فأرجو منك الحصول على هذا الدواء وعليك أن تتناوليه أولاً بجرعة خمسين مليجرام (حبة واحدة) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفعي الجرعة إلى مائة مليجرام (حبتين) في اليوم، ويمكنك أيضاً أن تتناوليه مساءً كجرعة واحدة، واستمري على هذه الجرعة لمدة ثمانية أشهر، ثم بعد ذلك تخفضين الجرعة إلى خمسين مليجراماً في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

وهذا الدواء من الأدوية السليمة والفعالة جدّاً، وإن شاء الله سوف تجدين فيه خيراً كثيراً، وأيضاً سوف يؤدي هذا الدواء لحالة من الهدوء والاسترخاء، وإلى نوع من الانشراح والراحة النفسية الذي يجعلك أكثر قبولاً للعلاج السلوكي الذي ذكرناه لك سابقاً، والذي يقوم على تحقير فكرة الوساوس وعدم اتباعها وتنفيذ ما هو مضاد لها والحرص على الصلاة والاستعانة بالأخوات الصالحات وأن تشعري بقيمة ذاتك، فعليك أن تقيمي نفسك وسوف تجدين أن هنالك أشياء إيجابية وعظيمة كثيرة جدّاً في حياتك.

وعليك بالدعاء وأنت موقنة بالإجابة، وسلي الله تعالى أن يزيل عنك هذه الأعراض ونحن في هذه الأيام الطيبة وفي موسم الخيرات، فهذه فرصة عظيمة جدّاً لكي نجدد بواعث نفسية إيمانية جديدة في داخل أنفسنا تكون لنا زاداً ودافعاً وقوة من أجل الشعور بقيمة ذواتنا.

أما مسألة معرفة الصلاة جيداً، والتفقه في أحكام العبادات فبإمكانك التزود عملياً عن طريق أخواتك في حلقات التعليم في المساجد أو الدروس الشرعية، كما يمكنك الاستفادة من محور الفتواى في موقعنا للبحث عما تريدين:
Http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/index.php?#ask
كما يمكنكم الاستفادة من الدروس الصوتية هنا:
Http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lectures
وللتسهيل في البحث استخدموا الشجرة العلمية في نفس الصفحة:
Http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audiotree

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أصبت بالقلق والخوف من الأمراض بعد إصابة قريبتي بذلك! 805 الاثنين 10-08-2020 04:05 صـ
أعاني من قلق وضيق تنفس خفيف، ما نصيحتكم؟ 2592 الأربعاء 22-07-2020 05:53 صـ
أعاني من تسارع نبضات القلب ودوخة شديدة وانقطاع النفس! 2554 الاثنين 20-07-2020 04:09 صـ
أنا شخص كثير التفكير والقلق من عدم النجاح 870 الأربعاء 15-07-2020 05:49 صـ
هل منشأ نقص الأكسجين في حالتي نفسي؟ 893 الاثنين 13-07-2020 05:20 صـ